تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
* (واتل عليهم نبأ ابني آدم) *، يقول: أتل يا محمد على أهل مكة نبأ ابني آدم، * (بالحق) * ليعرفوا نبوتك، يقول: أتل عليهم حديث ابني آدم هابيل وقابيل، وذلك أن حواء ولدت في بطن واحد غلاما وجارية، قابيل وإقليما، ثم ولدت في البطن الآخر غلاما وجارية، هابيل وليوذا، وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل، فلما أدركا، قال آدم، عليه السلام، ليتزوج كل واحد منهما أخت الآخر، قال قابيل: لكن يتزوج كل واحد منهما أخته التي ولدت معه، قال آدم، عليه السلام: قربا قربانا، فأيما تقبل قربانه كان أحق بهذه الجارية.
وخرج آدم، عليه السلام، إلى مكة، فعمد قابيل، وكان صاحب زرع، فقرب أخبث زرعه البر المأكول فيه الزوان، وكان هابيل صاحب ماشية، فعمد فقرب خير غنمه مع زبد ولبن، ثم وضعا القربان على الجبل، وقاما يدعوان الله عز وجل، فنزلت نار من السماء، فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل، فحسده قابيل، فقال لهابيل:
لأقتلنك، قال هابيل: يا أخي، لا تلطخ يدك بدم برئ، فترتكب أمرا عظيما، إنما طلبت رضا والدي ورضاك، فلا تفعل، فإنك إن فعلت أخزاك الله بقتلك إياي بغير ذنب ولا جرم، فتعيش في الدنيا أيام حياتك في شقوة ومخافة في الأرض، حتى تكون من الخوف والحزن أدق من شعر رأسك، ويجعلك إلهي ملعونا.
فلم يزل يحاوره حتى انتصف النهار، وكان في آخر مقالة هابيل لقابيل: إن أنت قتلتني كنت أول من كتب عليه الشقاء، وأول من يساق إلى النار من ذرية والدي، وكنت أنا أول شهيد يدخل الجنة، فغضب قابيل: فقال لا عشت في الدنيا، ويقال: قد تقبل قربانه ولم يتقبل قرباني، فقال له هابيل: فتشفى آخر الأبد، فغضب عند ذلك قابيل، فقتله بحجر دق رأسه، وذلك بأرض الهند عشية، وآدم، عليه السلام، بمكة، فذلك قوله عز وجل: * (إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين) * [آية: 27].
* (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) * [آية: 28]، * (إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين) * [آية: 29]، * (فطوعت له نفسه قتل أخيه) *، يقول: قزينت له
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»