تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢٩٢
فإن كان الله عز وجل أراد أن يجعلها لنا منزلا وسكنا، فليسلطك عليهم فتقتلهم وإلا فليس لنا بهم قوة، وحصنهم منيع، فتتابع على ذلك منهم عشرة، فقالوا لموسى: * (إن فيها قوما جبارين) *، طول كل رجل منهم سبعة أذرع ونصف من بقايا قوم عاد، وكان عوج بن عناق بنت آدم فيهم، * (وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها) *، وهي أريحا، * (فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) * [آية: 22].
قال يوشع بن نون، وهو من سبط بنيامين، وكالب بن يوقنا، وهو من سبط يهوذا، * (قال رجلان) *، وهما الرجلان من القوم، * (من الذين يخافون) * من العدو وقد * (أنعم الله عليهما) * بالإسلام، قالا: ليس كما يقول العشرة، سيروا حتى تحيطوا بالمدينة وبأبوابها، فإن القوم إذا رأوا كثرتكم بالباب وكبرتم رعبوا منكم، فانكسرت قلوبهم وانقطعت ظهورهم، وذهبت قوتهم، ف * (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا) *، يقول: وبالله فلتتقوا، * (إن كنتم مؤمنين) * [آية: 23] بقتلهم بأيديكم، وينفيهم من أرض هي ميراثهم.
* (قالوا يا موسى) * أتصدق رجلين وتكذب عشرة يا موسى، * (إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك) * ينصرك عليهم، * (فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) * [آية:
24]، يعني مكاننا، فإننا لا نستطيع قتال الجبابرة، فغضب موسى عليهم، و * (قال رب إني لا أملك) * من الطاعة * (إلا نفسي وأخي) * هارون، * (فافرق بيننا) *، يعني فاقض بيننا * (وبين القوم الفاسقين) * [آية: 25]، يعني العاصين الذين عصوا أن يقاتلوا عدوهم، وهم كلهم مؤمنون.
فأوحى الله عز وجل إلى موسى، عليه السلام: أما إذا سميتهم فاسقين، فالحق أقول:
لا يدخلونها أبدا، وذلك قوله عز وجل: * (قال فإنها محرمة عليهم) * دخولها البتة أبدا، * (أربعين سنة) * فيها تقديم، * (يتيهون في الأرض) * في البرية، فأعمى الله عز وجل عليهم السبيل، فحبسهم بالنهار، وسيرهم بالليل، يسهرون ليلهم، فيصبحون حيث أمسوا، فإذا بلغ أجلهم، وهو أربعون سنة، أرسلت عليهم الموت، فلا يدخلها إلا خلوفهم، إلا يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا، فهما يسوقان بني إسرائيل إلى تلك الأرض، فتاة القوم في تسع فراسخ عرض وثلاثين فرسخا طول، وقالوا أيضا: ستة
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»