تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٤٧
تفسير سورة البقرة آية [50] * (وإذ فرقنا بكم البحر) * وذلك أنه فرق البحر يمينا وشمالا كالجبلين المتقابلين كل واحد منهما على الآخر، وبينهما كوى من طريق إلى طريق، ينظر كل سبط إلى الآخر ليكون آنس لهم، * (فأنجيناكم) * من الغرق * (وأغرقنا آل فرعون) *، يعني أهل مصر، يعني القبط * (وأنتم تنظرون) * [آية: 50] أجدادهم يعلمون أن ذلك حق، وكان ذلك من النعم.
تفسير سورة البقرة من [آية 51 - 52] * (وإذ واعدنا موسى) *، يعني الميعاد * (أربعين ليلة) *، يعني ثلاثين من ذي القعدة وعشر ليال من ذي الحجة، فكان الميعاد الجبل؛ ليعطى التوراة، وكان موسى، عليه السلام، أخبر بني إسرائيل بمصر، فقال لهم: إذا خرجنا منها أتيناكم من الله عز وجل بكتاب يبين لكم فيه ما تأتون وما تتقون، فلما فارقهم موسى مع السبعين، واستخلف هارون أخاه عليهم، اتخذوا العجل، فذلك قوله سبحانه: * (ثم اتخذتم العجل من بعده) *، يقول: من بعد انطلاق موسى إلى الجبل * (وأنتم ظالمون) * [آية: 51]، وذلك أن موسى قطع البحر يوم العاشر من المحرم، فقال بنو إسرائيل: وعدتنا يا موسى أن تأتينا بكتاب من ربنا إلى شهر، فأتنا بما وعدتنا، فانطلق موسى وأخبرهم أنه يرجع إلى أربعين يوما عن أمر ربه عز وجل، فلما سار موسى فدنا من الجبل، أمر السبعين أن يقيموا في أصل الجبل، وصعد موسى الجبل، فكلم ربه تبارك اسمه، وأخذ الألواح فيها التوراة، فلما مضى عشرون يوما، قالوا: أخلفنا موسى العهد، فعدوا عشرين يوما وعشرين ليلة، فقالوا: هذا أربعون يوما، فاتخذوا العجل، فأخبر الله عز وجل موسى بذلك على الجبل، فقال موسى لربه: من صنع لهم العجل؟ قال: السامري صنعه لهم، قال موسى لربه: فمن نفخ فيه الروح؟ قال الرب عز وجل: أنا، فقال موسى: يا رب السامري سنع لهم العجل فأضلهم، وصنعت فيه الخوار، فأنت فتنت قومي، فمن ثم قال الله عز وجل: * (فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري) * [طه: 85]، يعني الذين خلفهم مع هارون سوى السبعين حين أمرهم بعبادة العجل.
فلما نزل موسى من الجبل إلى السبعين، أخبرهم بما كان، ولم يخبرهم بأمر العجل،
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»