والشئ الملاحظ أن القرآن الكريم، الذي هو بمثابة دستور لجميع المسلمين لم يهمل حتى هذه المسائل الجزئية الأخلاقية في الحياة الاجتماعية للمسلمين، بل أشار إليها بما يناسبها ضمن التعليمات الأساسية، حتى لا يظن المسلمون أنه يكفيهم الالتزام بالمبادئ الكلية.
جملة يفسح الله لكم فسرها بعض المفسرين بتوسع المجالس في الجنة، وهو ثواب يعطيه الله تعالى للأشخاص الذين يراعون هذه الآداب في عالم الدنيا، ويلتزمون بها، وبلحاظ كون الآية مطلقة وليس فيها قيد أو شرط فإن لها مفهوما واسعا، وتشمل كل سعة إلهية، سواء كانت في الجنة أو في الدنيا أو في الروح والفكر أو في العمر والحياة، أو في المال والرزق، ولا عجب من فضل الله تعالى أن يجازي على هذا العمل الصغير بمثل هذا الأجر الكبير، لأن الأجر بقدر كرمه ولطفه لا بقدر أعمالنا.
وبما أن المجالس تكون مزدحمة أحيانا بحيث أنه يتعذر الدخول إلى المجلس في حالة عدم التفسح أو القيام، وإذا وجد مكان فإنه غير متناسب مع مقام القادمين واستمرارا لهذا البحث يقول تعالى: وإذا قيل انشزوا فانشزوا (1) أي إذا قيل لكم قوموا فقوموا.
ولا ينبغي أن تضجروا أو تسأموا من الوقوف، لأن القادمين أحيانا يكونون أحوج إلى الجلوس من الجالسين في المجلس، وذلك لشدة التعب أو الكهولة أو للاحترام الخاص لهم، وأسباب أخرى.
وهنا يجب أن يؤثر الحاضرون على أنفسهم ويتقيدوا بهذا الأدب الإسلامي، كما مر بنا في سبب نزول الآية، حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر المجموعة التي