3 هل أن ظهور النبي من علامات قرب القيامة؟
يطرح هنا سؤال، وهو: كيف عدوا ظهور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من علامات اقتراب القيامة، وقد مر إلى الآن خمسة عشر قرنا ولا أثر للقيامة؟
والإجابة عن هذا السؤال تتضح بملاحظة واحدة، وهي أننا يجب أن نقارن بين ما مر من الدنيا وما بقي منها، وسيظهر من خلال هذه المقارنة أن ما بقي من عمر الدنيا قليل جدا، وهو سريع الانقضاء، كما ورد في حديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه كان يخطب في أصحابه قبيل الغروب، فقال: " والذي نفس محمد بيده ما مثل ما مضى من الدنيا فيما بقي منها إلا مثل ما مضى من يومكم هذا فيما بقي منه، وما بقي منه إلا اليسير " (1).
وتقول آخر آية من هذه الآيات وكاستخلاص لنتيجة البحوث التي وردت في الآيات السابقة حول الإيمان والكفر، ومصير المؤمنين والكفار: فاعلم أنه لا إله إلا الله أي: أثبت على خط التوحيد، فإنه الدواء الشافي، واعلم أن أفضل وسيلة للنجاة هو التوحيد الذي بينت الآيات السالفة آثاره.
وبناء على هذا، فلا يعني هذا الكلام أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن عالما بالتوحيد بل المراد الاستمرار في هذا الخط، وهذا يشبه تماما ما ذكروه في تفسير الآية: اهدنا الصراط المستقيم في سورة الحمد، بأنها لا تعني عدم الهداية من قبل، بل تعني:
ثبتنا على خط الهداية.
ويحتمل أيضا أن يكون المراد التدبر في أمر التوحيد أكثر، والارتقاء إلى المقامات الأسمى، حيث أنه كلما تدبر البشر فيه أكثر، وطالعوا آيات الله بدقة أكبر، فإنهم سيصلون إلى مراتب أرقى، والتدبر بما قيل في الآيات السالفة في مورد الإيمان والكفر، عامل يؤثر بحد ذاته في زيادة الإيمان والكفر.