تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٢٨
(المقام الثالث) جاء في القرآن شئ كثير من الألفاظ العامة التي يراد بها الخاص أو التي هي نص في خاص باعتبار نزولها في شأنه وغير ذلك مما كان معروفا في عصر نزوله ثم صارت أسباب الخفاء تختلسه شيئا فشيئا وتجعل ضده كما في خزانة الغرانيق وآية التمني.
والمفزع في تفسير ذلك هو ما يحصل به العلم من إجماع المسلمين أو اتفاقهم في الرواية للتفسير. أو في الرواية عن الرسول (ص) في الدلالة على من يفزع اليه بعده في تفسير كتاب الله وذلك كحديث الثقلين المتواتر القطعي الذي ذكره إخواننا من أهل السنة في كتبهم وأوردوا من روايته عن الصحابة الذين سمعوه من رسول الله (ص) أكثر من ثلاثين صحابيا وبقى على ذلك متواترا في كل عصر إلى العصر الحاضر وهو قوله (ص) " إني تارك فيكم الثقلين أو الخليفتين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، وإن لفظ العترة والأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة في تعيين أهل البيت يعينان المراد من أهل البيت فضلا عن دلالة العرف والمحاورات. وقوله (ص) ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا مع قوله (ص) فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض يعينان الأئمة الاثني عشر المعصومين من عترة الرسول وذريته. ومن دلائل ذلك إجماع المسلمين على أن من عدا هؤلاء ليس معصوما ولا يتصف بأنه مثل كتاب الله لا يضل من تمسك به.
وهاك أسماء الصحابة السامعين لهذا الحديث عن رسول الله (1) علي (ع) أمير المؤمنين (2) عبد الله بن عباس (3) أبو ذر الغفاري (4) جابر الأنصاري (5) عبد الله بن عمر (6) حذيفة بن أسيد (7) زيد بن أرقم (8) عبد الرحمن ابن عوف (9) ضمير الأسلمي (10) عاصم ابن ليلى (11) أبو رافع (12) أبو هريرة (13) عبد الله بن حنطب (14) زيد بن ثابت (15) أم سلمة (16) أم هاني أخت أمير المؤمنين علي (ع) (17) خزيمة بن ثابت (18) سهل ابن سعد (19) عدى بن حاتم (20) عقبة بن عامر (21) أبو أيوب الأنصاري (22) أبو سعيد الخدري (23) أبو شريح الخزاعي (24) أبو قدامة الأنصاري (25) أبو ليلى (26) أبو الهيثم بن التيهان. وهؤلاء الذين ذكرنا أسماءهم من بعد أم هاني قد رواه كل منهم منفردا كمن تقدمه وقاموا في رحبة الكوفة مع سبعة من قريش فشهدوا أنهم سمعوه من رسول الله فهؤلاء ثلاثة وثلاثون. ورواه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب منقبة المطهرين مسندا عن جبير ابن مطعم وأسنده أيضا عن أنس بن مالك وأسنده عن البراء بن عازب ورواه موفق بن أحمد أخطب خوارزم عن عمرو بن العاص. وقلما يخلو عن رواية هذا الحديث مسند أو جامع أو كتاب في الفضائل لأهل السنة من أول ما أخرج الحديث من الحفظ وصدور الحفاظ إلى صحف المحدثين ولا زال يروى فيها عن صحابي واحد أو أكثر وربما روى في واحد منها عن أكثر من عشرين صحابيا إما مجملا كما في الصواعق وإما مسندا مفصلا كما في كتب السخاوي والسيوطي والسمهودي وغيرهم ومن أراد الاطلاع فليرجع إلى الجزأين المكتوبين في أسانيد هذا الحديث من كتاب العقبات للسيد - مير حامد حسين الهندي - طبع بالهند.
ورواه الإمامية في كتبهم بأسانيدهم المتكررة عن الباقر (ع) والرضا (ع) والكاظم (ع) والصادق (ع) عن آبائهم (ع) عن رسول الله (ص). وبالأسانيد الأخر عن أمير المؤمنين (ع) وعمرو وأبي ذر وجابر وأبى سعيد وزيد بن أرقم وزيد بن ثابته وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وغيرهم عن رسول الله (ص) كما في غاية المرام وتفسير البرهان للسيد هاشم البحراني طاب ثراه وغير ذلك.
ولعلك تقول إن البخاري لم يذكر هذا الحديث في جامعه فاعرف إذن أن المحدثين لا يلتفتون إلى استفاضة الحديث وتواتره وإفادته للعلم من هذه الجهة كما هو شأن العالم المحقق في حجته وبحثه عن الحقائق. وإنما المهم للمحدث
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»