تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٤٠
تعجبوا من أمر البعث والرجوع واستبعدوه لجهلهم بأن الله سبحانه عليم لا يعزب عنه شئ من أحوال خلقه وآثارهم وأن جميع ذلك مستطر في اللوح المحفوظ عند الله بحيث لا يشذ عنه شاذ.
فاضرب في هذه الآية أن ذلك ليس من جهلهم وإن تجاهلوا بل كذبوا بالحق لما جاءهم فاستبان لهم أنه حق فهم جاحدون للحق معاندون له وليسوا بجاهلين به قاصرين عن إدراكه فهم في أمر مريج مختلط غير منتظم يدركون الحق ويكذبون به مع أن لازم العلم بشئ تصديقه والايمان به.
وقيل: المراد بكونهم في أمر مريج أنهم متحيرون بعد إنكار الحق لا يدرون ما يقولون فتارة يقولون: افتراء على الله، وتارة: سحر، وتارة: شعر، وتارة: كهانة وتارة: زجر.
ولذلك عقب الكلام بذكر آيات علمه وقدرته توبيخا لهم ثم بالإشارة إلى تكذيب الأمم الماضية الهالكة الذي ساقهم إلى عذاب الاستئصال، تهديدا لهم.
قوله تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج) الفروج جمع فرجة: الشقوق والفتوق، وتقييد السماء بكونها فوقهم للدلالة على أنها بمرأى منهم لا تغيب عن أنظارهم، والمراد بتزيينها خلق النجوم اللامعة فيها بما لها من الجمال البديع، فبناء هذا الخلق البديع بما لها من الجمال الرائع من غير شقوق وفتوق أصدق شاهد على قدرته القاهرة وعلمه المحيط بما خلق.
قوله تعالى: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) مد الأرض بسطها لتلائم عيشة الانسان، والرواسي جمع الراسية بمعنى الثابتة صفة محذوفة الموصوف وهو الجبال، والمراد جعل الجبال الثابتة على ظهرها، والبهيج من البهجة، قال في المجمع: البهجة الحسن الذي له روعة عند الرؤية كالزهرة والأشجار النضرة والرياض الخضرة. انتهى. وقيل: المراد بالبهيج الذي من رآه بهج وسر به فهو بمعنى المبهوج به.
والمراد بإنبات كل زوج بهيج إنبات كل صنف حسن المنظر من النبات.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست