تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٢٥
التجسس أيضا كالغيبة، وإنما الفرق أن الغيبة هو إظهار عيب الغير للغير أو التوصل إلى الظهور عليه من طريق نقل الغير، والتجسس هو التوصل إلى العلم بعيب الغير من طريق تتبع آثاره ولذلك لم يبعد أن يكون الجملة أعني قوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) الخ، تعليلا لكل من الجملتين أعني (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا).
واعلم أن في الكلام إشعارا أو دلالة على اقتصار الحرمة في غيبة المسلمين، ومن القرينة عليه قوله في التعليل: (لحم أخيه) فالاخوة إنما هي بين المؤمنين.
وقوله: (واتقوا الله إن الله تواب رحيم) ظاهره أنه عطف على قوله: (اجتنبوا كثيرا من الظن) إن كان المراد بالتقوى هو التجنب عن هذه الذنوب التي كانوا يقترفونها بالتوبة إلى الله سبحانه فالمراد بقوله: (إن الله تواب رحيم) أن الله كثير القبول للتوبة رحيم بعباده التائبين إليه اللائذين به.
وإن كان هو التجنب عنها والتورع فيها وإن لم يكونوا يقترفونها فالمراد بقوله:
(إن الله تواب رحيم) أن الله كثير الرجوع إلى عباده المتقين بالهداية والتوفيق والحفظ عن الوقوع في مهالك الشقوة رحيم بهم.
وذلك أن التوبة من الله توبتان: توبة قبل توبة العبد بالرجوع إليه بالتوفيق للتوبة كما قال تعالى: (ثم تاب عليهم ليتوبوا) التوبة: 118، وتوبة بعد توبة العبد بالرجوع إليه بالمغفرة وقبول التوبة كما في قوله: (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه) المائدة: 39.
قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الخ، الشعوب جمع شعب بالكسر فالسكون وهو على ما في المجمع الحي العظيم من الناس كربيعة ومضر، والقبائل جمع قبيلة وهي دون الشعب كتميم من مضر.
وقيل: الشعوب دون القبائل وسميت بها لتشعبها، قال الراغب: الشعب القبيلة المنشعبة من حي واحد، وجمعه شعوب، قال تعالى: (شعوبا وقبائل) والشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف فإذا نظرت إليه من الجانب الذي تفرق
(٣٢٥)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست