تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٠٠
طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون - 20.
(بيان) لما قسم الناس في قوله: (لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين) إلى ظالمين ومحسنين وأشير فيه إلى أن للظالمين ما يخاف ويحذر وللمحسنين ما يسر الانسان ويبشر به عقب ذلك في هذا الفصل من الآيات بتفصيل القول فيه، وأن الناس بين قوم تائبين إلى الله مسلمين له وهم الذين يتقبل أحسن أعمالهم ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة، وقوم خاسرين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس.
ومثل الطائفة الأولى بمن كان مؤمنا بالله مسلما له بارا بوالديه يسأل الله أن يلهمه الشكر على ما أنعم عليه وعلى والديه والعمل الصالح وإصلاح ذريته، والطائفة الثانية بمن كان عاقا لوالديه إذا دعواه إلى الايمان بالله واليوم الآخر فيزجرهما ويعد ذلك من أساطير الأولين.
قوله تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا) إلى آخر الآية، الوصية على ما ذكره الراغب هو التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ والتوصية تفعيل من الوصية قال تعالى: (ووصى بها إبراهيم بنيه) البقرة: 132، فمفعوله الثاني الذي يتعدى إليه بالباء من قبيل الافعال، فالمراد بالتوصية بالوالدين التوصية بعمل يتعلق بهما وهو الاحسان إليهما.
وعلى هذا فتقدير الكلام: ووصينا الانسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا.
وفي إعراب (إحسانا) أقوال أخر كقول بعضهم: إنه مفعول مطلق على تضمين (وصينا) معنى أحسنا، والتقدير: وصينا الانسان محسنين إليهما إحسانا، وقول بعضهم: إنه صفة لمصدر محذوف بتقدير مضاف أي إيصاء ذا إحسان، وقول بعضهم:
هو مفعول له، والتقدير: وصيناه بهما لاحساننا إليهما، إلى غير ذلك مما قيل.
وكيف كان فبر الوالدين والاحسان إليهما من الاحكام العامة المشرعة في جميع
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست