تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٥٩
تعالى كما تدل هي عليه.
والآيات القرآنية آيات له تعالى بما تدل على الآيات الكونية الدالة عليه سبحانه أو على معارف اعتقادية أو أحكام عملية أو أخلاق يرتضيها الله سبحانه ويأمر بها فإن مضامينها دالة عليه ومن عنده، والايمان بهذه الآيات أيضا إيمان بدلالتها ويلزمه الايمان بمدلولها.
والآيات المعجزة أيضا إما آيات كونية ودلالتها دلالة الآيات الكونية وإما غير كونية كالقرآن في إعجازه ومرجع دلالتها إلى دلالة الآيات الكونية.
وقوله: (تلك آيات الله نتلوها عليك) الإشارة إلى الآيات القرآنية المتلوة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، ويمكن أن تكون إشارة إلى الآيات الكونية المذكورة في الآيات الثلاث السابقة بعناية الاتحاد بين الدال والمدلول.
وقوله: (فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) قيل: هو من قبيل قولك:
أعجبني زيد وكرمه، وإنما أعجبك كرمه والمعنى بحسب النظر الدقيق أعجبني كرم زيد وزيد من حيث كرمه، فمعنى الآية فبأي حديث بعد آيات الله يعني الآيات القرآنية يؤمنون؟ يعني إذا لم يؤمنوا بهذا الحديث فبأي حديث بعده يؤمنون؟
وقيل: الكلام بتقدير حديث أي إذا لم يؤمنوا فبأي حديث بعد حديث الله وآياته يؤمنون، والأنسب على هذا المعنى أن يكون المراد بالآيات الآيات الكونية ولذا قال الطبرسي بعد ذكر هذا المعنى: والفرق بين الحديث الذي هو القرآن وبين الآيات أن الحديث قصص يستخرج منه عبر تبيين الحق من الباطل، والآيات هي الأدلة الفاصلة بين الصحيح والفاسد. انتهى وأول الوجهين ألطف.
قوله تعالى: (ويل لكل أفاك أثيم) الويل والهلاك، والأفاك مبالغة من الإفك وهو الكذب، والأثيم من الاثم بمعنى المعصية والمعنى: ليكن الهلاك على كل كذاب ذي معصية.
قوله تعالى: (يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها) الخ صفة لكل أفاك أثيم، و (ثم) للتراخي الرتبي وتفيد معنى الاستبعاد، والاصرار على الفعل ملازمته وعدم الانفكاك عنه.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست