الأول مع أنه ليس كذلك.
وبالجملة فإن الظاهر أن موضوع المسألة إنما هو صورة جهل القبلة وحصول من يتمكن من الاجتهاد في معرفتها ومن لا يتمكن، فهل يرجع من لا يتمكن من الاجتهاد للأعذار المتقدمة إلى المتمكن أم لا؟ وأما في مقام العلم بالقبلة فليس من محل البحث في شئ فإن ما يحصل به اليقين عند المقلد بفتح اللام من رؤية أو مشاهدة أو تعيين الجهة من العلامات المذكورة بين علماء الهيئة يحصل به اليقين عند المقلد بكسرها إلا أن يكون أعمى مكفوف البصر، وقد عرفت حكمه من الأخبار المتقدمة وأن الشيخ لا يخالف في هذه الصورة. وينبغي أن يعلم أنه لو تفاوتت الظنون بالنسبة إلى المخبرين من حيث العدالة والتعدد ونحو ذلك وعدمها عمل على أقواها ووجب دوران الحكم معه كما يجب تقديم العلم على الظن. والكلام بالنسبة إلى الكافر ونحوه كما تقدم من حصول الظن بقوله وعدمه.
(الخامس) - قد صرحوا (رضوان الله عليهم) بأنه يجوز التعويل على قبلة البلد إذا لم يعلم أنها بنيت على الغلط، والمراد بقبلتها محاريبها المنصوبة وقبورها ونحوها، ونقل في التذكرة الاجماع عليه. والظاهر من كلامهم التعليل ببعد اجتماع الخلق الكثير في المدد المتطاولة على الخطأ. واطلاق كلامهم يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين ما يفيد العلم بالجهة أو الظن ولا بين أن يكون المصلي متمكنا من معرفة القبلة بالعلامات المفيدة للعلم أو الاجتهاد المفيد للظن أو ينتفي الأمران فإنه يعول على قبلة البلد على جميع هذه التقادير أقول: وفي بعض هذه الشقوق اشكال وهو أنه لو كان قبلة البلد إنما تفيد الظن بالجهة مع تمكنه من العلم فإن الظاهر وجوب الرجوع إلى العلامات المفيدة للعلم، ولعل في تصريح بعضهم في هذا المقام بأنه إن جهلها عول على الأمارات المفيدة للظن ما يشير إلى ما قلناه. وبالجملة فإنه لا يجوز الرجوع إلى الظن إلا مع تعذر العلم كائنا ما كان.
واطلاق كلامهم أعم من أن تكون البلدة من الأمصار العظيمة أو قرية من القرى