تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥٨٤
[* إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله وسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (97)] إن الذين توفاهم الملائكة: يحتمل الماضي والمضارع.
وقرئ " توفتهم وتوفاهم " على مضارع وفيت، بمعنى أن الله يوفي الملائكة أنفسهم فيتوفونها، أي يمكنهم من استيفائها، فيتوفونها.
ظالمي أنفسهم: في حال ظلمهم أنفسهم بترك الهجرة وموافقة الكفرة.
في كتاب الاحتجاج: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (1) وقوله: " قل يتوفاكم ملك الموت " (2) وقوله (عز وجل): " توفته رسلنا " (3) وقوله: " الذين توفاهم الملائكة " فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للرسل، ومرة للملائكة؟! فقال: إن الله (تبارك وتعالى) أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته، فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم: " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " (4) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره وفعلهم فعله وكل ما يؤته منسوب إليه، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، ففعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء، وإن فعل امناؤه فعله، كما قال:

(١) الزمر: ٤٢.
(٢) السجدة: ١١.
(٣) الانعام: ٦١.
(٤) الحج: ٧٥.
(٥٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 589 ... » »»
الفهرست