تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٥
وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله: أي أي تبعة تحيق بهم بالايمان والانفاق في سبيل الله، وهو توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة، ولاعتقاد في الشئ على خلاف ما هو عليه، وتحريض على الفكر لطلب الجواب، لعله يؤدي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة والعوائد الجميلة، وتنبيه على أن المدعو إلى أمر لا ضرر فيه ينبغي أن يجيب إليه احتياطا، فكيف إذا تضمن المنافع.
وإنما قدم الايمان ههنا وأخره في الآية السابقة، لان القصد بذكره إلى التخصيص هنا والتعليل ثمة (1). أو لان المقصود في السابق ذمهم وفي تأخير عدم الايمان سلوك مسلك الترقي، والمقصود ههنا إزالة الأوصاف الذميمة، وإزالة الكفر يستحق التقديم لان إزالة الانفاق رياء موقوفة على إزالته، ولان إزالة الأقبح أهم.
وكان الله بهم عليما: وعيد لهم.
إن الله لا يظلم مثقال ذرة: لا ينقص من الاجر ولا يزيد في العقاب أصغر شئ كالذرة، وهي النملة الصغيرة. ويقال لكل جزء من أجزاء الهباء (2).
والمثقال: مفعال من الثقل. وفي ذكره إيماء إلى أنه وإن صغر قدره، عظم جزاؤه، حيث أثبت للذرة ثقلا، وإيماء إلى أن وضع الشئ في غير محله وإن كان حقيرا، فهو عظيم ثقيل في القبح.
وإن تك حسنة: وإن تك مثقال الذرة حسنة. وأنث الضمير، لتأنيث الخبر، أو لإضافة المثقال إلى المؤنث، وحذف النون من غير قياس، تشبيها بحروف العلة.
وقرأ ابن كثير ونافع " حسنة " بالرفع على كان التامة.
يضعفها: أي ثوابها، أو الحسنة نفسها، بناء على تجسم الأعمال.

(١) من قوله: (عطف على الذين) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج ١ ص ٢١٩، لاحظ تفسيره ٣٩ من سورة النساء.
(٢) الهباء ما يخرج من الكوة مع ضوء الشمس شبيه الغبار (مجمع البحرين: ج ١ ص ٤٦٩ لغة هبا).
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست