تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٢
كزكريا ويحيى بمعجزات اخر موجبة للتصديق وبما اقترحوه، فقتلوهم، فلو كان الموجب للتصديق هو الاتيان، وكان توقفهم وامتناعهم عن الايمان لأجله، فما لهم لم يؤمنوا بمن جاء به في معجزات اخر واجترؤوا عليه (1).
وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد (2)، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لعن الله القدرية (3)، لعن الله

(١) من قوله (هم كعب بن الأشرف) إلى هنا من كلام البيضاوي: ج ١ ص ١٩٦، لاحظ تفسيره لآية ١٨٤ من سورة آل عمران.
(٢) مروك بن عبيد بن أبي حفصة مولى بني عجل: الضبط مروك بفتح الميم وسكون الراء المهملة وفتح الواو وبعدها كاف، واسم مروك صالح، واسم أبي حفصة زياد (تنقيح المقال: ج ٣ ص ٢١٠ تحت رقم ١١٦٦٥).
(٣) إن القدرية تطلق على الجبرية وعلى التفويضية، وكان المراد هنا الثاني. قال علي بن إبراهيم في تفسيره: القدرية المعتزلة، والرد عليهم من القرآن كثير، لان المعتزلة قالوا: نحن نخلق أفعالنا وليس لله فيه صنع ولا مشيئة ولا إرادة، فيكون ما شاء إبليس ولا يكون ما شاء الله، انتهى.
والمراد بالمرجئة: الذين يقولون: الايمان محض العقائد وليس للأعمال فيها مدخل أصلا، ولا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، ولا تفاوت في إيمان الناس.
قال صاحب الملل والنحل: الارجاء على معنيين، أحدهما التأخير (قالوا ارجه وأخاه) أي أمهله وأخره، والثاني إعطاء الرجاء. أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول صحيح، لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد. وأما المعنى الثاني فظاهر، فإنهم كانوا يقولون: لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقيل: الارجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى الآخرة، فلا يقضى عليه بحكم في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار، فعلى هذا المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان. وقيل: الارجاء تأخير علي (عليه السلام) عن الدرجة الأولى إلى الدرجة الرابعة، فعلى هذا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان. والمرجئة أربعة أصناف، مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة، انتهى وقد مر بعض القول فيهم سابقا، والمراد هنا ما ذكرنا أولا، فإنهم يحكمون بإيمان من آمن بالله ورسوله وإن قتلوا الأئمة وخيار المؤمنين، فهم راضون بذلك ولا يبالون به ويحكمون بأن الله لا يعذب هؤلاء بفعلهم، ولذا سموا مرجئة لارجاء تعذيبهم على المعاصي.
ويمكن أن يكون المراد هنا جميع المخالفين، فإنهم على أصولهم الفاسدة يصوبون قتل من خرج على خلفاء الجور ولو كانوا أئمة الدين وذرية سيد المرسلين، فهم راضون بذلك. وذكر الآية استشهاد بأن الراضي بالقتل والمصوب له حكمه حكم القاتل في الشقاوة والعقوبة.
ثم اعلم أن ذكر الآية نقل بالمعنى، والآية في آل عمران هكذا " الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول ".
وقال البيضاوي: هم كعب الأشرف، إلى آخر ما نقلناه آنفا.
(مرآة العقول: ج 11 ص 217 كتاب الايمان والكفر).
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست