إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٣١
البصرة وسكنت الدار، بمعنى نزلت، فهو كقولك انزل من الدار حيث شئت (هذه الشجرة) الهاء بدل من الياء في هذى، لأنك تقول في المؤنث هذى وهاتا وهاتي، والياء للمؤنث مع الذال لاغير، والهاء بدل منها لأنها تشبهها في الخفاء والشجرة نعت لهذه، وقرئ في الشاذ " هذه الشيرة " وهي لغة أبدلت الجيم فيها ياء لقربها منها في المخرج (فتكونا) جواب النهى، لأن التقدير: إن تقربا تكونا، وحذف النون هنا علامة النصب لأن جواب النهى إذا كان بالفاء فهو منصوب، ويجوز أن يكون مجزوما بالعطف.
قوله تعالى (فأزلهما) يقرأ بتشديد اللام من غير ألف: أي حملها على الزلة، ويقرأ (فأزلهما) أي نحاهما، وهو من قولك: زال الشئ يزول إذا فارق موضعه وأزلته نحيته، وألفه منقلبة عن واو (مما كانا فيه) ما بمعنى الذي، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أي من نعيم أو عيش (اهبطوا) الجمهور على كسر الباء وهي اللغة الفصيحة، وقرئ بضمها، وهي لغة (بعضكم لبعض عدو) جملة في موضع الحال من الواو في اهبطوا أي اهبطوا متعادين، واللام متعلقة بعدو، لأن التقدير بعضكم عدو لبعض، ويعمل عدو عمل الفعل لكن بحذف الجر، ويجوز أن يكون صفة لعدو، فلما تقدم عليه صار حالا، ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة، وأما إفراد عدو فيحتمل أن يكون لما كان بعضكم مفردا في اللفظ أفرد عدو، ويحتمل أن يكون وضع الواحد موضع الجمع كما قال: " فإنهم عدو لي " (ولكم في الأرض مستقر) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون حالا أيضا، وتقديره: اهبطوا متعادين مستحقين الاستقرار، ومستقر يجوز أن يكون مصدرا بمعنى الاستقرار، ويجوز أن يكون مكان الاستقرار، و (إلى حين) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة لمتاع فيتعلق بمحذوف ويجوز أن يكون في موضع نصب بمتاع لأنه في حكم المصدر والتقدير وأن تمتعوا إلى حين.
قوله تعالى (فتلقى آدم) يقرأ برفع آدم ونصب كلمات، وبالعكس لأن كل ما تلقاك فقد تلقيته، و (من ربه) يجوز أن يكون في موضع نصب بتلقي، ويكون لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون في الأصل صفة لكلمات تقديره: كلمات كائنة من ربه، فلما قدمها انتصبت على الحال (إنه هو التواب) هو هاهنا مثل أنت في " إنك أنت العليم الحكيم " وقد ذكر قوله (منها جميعا) حال: أي مجتمعين إما في زمن واحد أو في أزمنة، بحيث يشتركون في الهبوط (فإما) إن حرف شرط،
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست