إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ١٢٠
فإن قيل: لم لم يقل فتذكرها الأخرى. قيل فيه وجهان: أحدهما أنه أعاد الظاهر ليدل على الإبهام في الذكر والنسيان، ولو أضمر لتعين عوده إلى المذكور، والثاني أنه وضع الظاهر موضع المضمر تقديره فتذكرها، وهذا يدل على أن إحداهما الثانية مفعول مقدم، ولا يجوز أن يكون فاعلا في هذا الوجه، لأن الضمير هو المظهر بعينه، والمظهر الأول فاعل تضل، فلو جعل الضمير لذلك المظهر لكانت الناسية هي المذكرة وذا محال، والمفعول الثاني لتذكر محذوف تقديره: الشهادة ونحو ذلك وكذلك مفعول (يأب) وتقديره: ولا يأب الشهداء إقامة الشهادة وتحمل الشهادة، و (إذا) ظرف ليأب ويجوز أن يكون ظرفا للمفعول المحذوف، و (أن تكتبوه) في موضع نصب بتسأموا وتسأموا يتعدى بنفسه، وقيل بحرف الجر، و (صغيرا أو كبيرا) حالان من الهاء، و (إلى) متعلقة بتكتبوه، ويجوز أن تكون حالا من الهاء أيضا، و (عند الله) ظرف لأقسط، واللام في قوله (للشهادة) يتعلق بأقوم، وأفعل يعمل في الظروف وحروف الجر، وصحت الواو في أقوم كما صحت في فعل التعجب، وذلك لجموده وإجرائه مجرى الأسماء الجامدة، وأقوم يجوز أن يكون من أقام المتعدية لكنه حذف الهمزة الزائدة ثم أتى بهمزة أفعل كقوله تعالى " أي الحزبين أحصى " فيكون المعنى: أثبت لإقامتكم الشهادة، ويجوز أن يكون من قام اللازم، ويكون المعنى: ذلك أثبت لقيام الشهادة، وقامت الشهادة ثبتت وألف (أدنى) منقلبة عن واو لأنه من دنا يدنو، و (أن لا ترتابوا) في موضع نصب، وتقديره. وأدنى لئلا ترتابوا، أو إلى أن لا ترتابوا (تجارة) يقرأ بالرفع على أن تكون التامة، و (حاضرة) صفتها، ويجوز أن تكون الناقصة، واسمها تجارة، وحاضرة صفتها، و (تديرونها) الخبر، و (بينكم) ظرف لتديرونها، وقرئ بالنصب على أن يكون اسم الفاعل مضمرا فيه تقديره، إلا أن تكون المبايعة تجارة، والجملة المستثناة في موضع نصب لأنه استثناء من الجنس، لأنه أمر بالاستشهاد في كل معاملة، واستثنى منه التجارة الحاضرة، والتقدير: إلا في حال حضور التجارة، ودخلت الفاء في (فليس) إيذانا بتعلق ما بعدها بما قبلها، و (أن لا تكتموها) تقديره في ألا تكتبوها، وقد تقدم الخلاف في موضعه من الإعراب في غير موضع (ولا يضار كاتب) فيه وجوه من القراءات قد ذكرت في قوله " لا تضار والدة " وقرئ هنا بإسكان الراء مع التشديد وهي ضعيفة، لأنه في التقدير جمع بين ثلاث سواكن إلا أن لها وجها وهو أن الألف لمدها تجرى مجرى المتحرك فيبقى ساكنان، والوقف عليه ممكن، ثم أجرى الوصل
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست