تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٧٠٣
وعلماه * (وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) * وفي هذا دلالة على شرف العلم وفضله وتقدم أهله، وأن نعمة العلم من أجل النعم، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من الأمم.
* (وورث سليمان داوود) * فيه دلالة على أن الأنبياء يورثون كتوريث غيرهم، لأن إطلاق اللفظ يقتضي ذلك * (وقال يا أيها الناس علمنا) * فيه تشهير لنعمة الله واعتراف بها، ودعاء للناس إلى التصديق بذكر المعجز الذي هو علم * (منطق الطير) * وغير ذلك مما أوتيه من جلائل الأمور، والمنطق: كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف، والذي علم سليمان من منطق الطير هو ما يفهم بعضه من بعض من معانيه وأغراضه، كما يحكى أنه مر على بلبل في شجرة فقال: إنه يقول: أكلت نصف ثمرة فعلى الدنيا العفاء (1) * (وأوتينا من كل شئ) * يريد كثرة ما أوتيه * (إن هذا لهو الفضل المبين) * وعن الصادق (عليه السلام): يعني الملك والنبوة (2).
سخر الله له الريح والجن والإنس والطير، فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطير، وقام الجن والإنس حتى يجلس على سريره، وكان لا يسمع بملك في ناحية من الأرض إلا أذله وأدخله في الإسلام. ويروى أنه خرج من بيت المقدس مع ستمائة ألف كرسي عن يمينه ويساره، وأمر الطير فأظلتهم، وأمر الريح فحملتهم حتى وردت بهم المدائن، ثم رجع فبات في إصطخر، فقال بعضهم لبعض:
هل رأيتم قط ملكا أعظم من هذا أو سمعتم؟ قالوا: لا، فنادى ملك من السماء:
لثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم! * (فهم يوزعون) * أي: يحبس أولهم على آخرهم بأن توقف هواديهم حتى يلحقهم تواليهم، فيكونوا مجتمعين

(١) حكاه فرقد السنجي. راجع تفسير البغوي: ج ٣ ص ٤٠٩.
(2) حكاه عنه (عليه السلام) الآلوسي في تفسيره: ج 19 ص 171.
(٧٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 698 699 700 701 702 703 704 705 706 707 708 ... » »»