تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٩١
فيكون المعنى: نزله باللسان العربي لتنذر به، لأنه لو نزله باللسان الأعجمي وقالوا:
ما نصنع بما لا نفهمه؟ فيتعذر الإنذار. وفي هذا الوجه أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك لأنك تفهمه وتفهمه قومك، ولو كان أعجميا لكان نازلا على سمعك دون قلبك، فكنت تسمع أجراس حروف ولا تفهم معانيها ولا تعيها. * (وإنه) * يعني القرآن * (لفي زبر الأولين) * يعني: ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية على وجه البشارة به وبمحمد (صلى الله عليه وآله)، وقيل: إن معانيه من الدعاء إلى التوحيد وغيره فيها (1).
وقرئ: * (أولم يكن) * بالتذكير و * (آية) * بالنصب على أنها خبره و * (أن يعلمه) * هو الاسم، وقرئ: " تكن " بالتأنيث و " آية " بالرفع (2) على أن في " تكن " ضمير القصة و " آية " خبر المبتدأ الذي هو * (أن يعلمه) *، والجملة خبر " كان "، والمعنى: ألم يكن علم علماء بني إسرائيل بمجيئه دلالة لهم على صحة نبوته، وهم عبد الله بن سلام وغيره، كما قال سبحانه: * (وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) * (3).
والأعجم الذي لا يفصح، يقال: في لسانه عجمة واستعجام. * (كذلك سلكنه) * أي: كما أنزلنا القرآن عربيا مبينا أدخلناه وأوقعناه * (في قلوب) * الكافرين بأن قرأه رسولنا عليهم. ثم أسند ترك الإيمان إليهم بقوله: * (لا يؤمنون به) * ولا يزالون على التكذيب والجحود به حتى يعاينوا الوعيد ويروا العذاب، فيلحق بهم * (بغتة) * أي: مفاجأة * (وهم لا يشعرون) * بمجيئه. * (أفبعذابنا يستعجلون) * تبكيت لهم وتوبيخ.

(١) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ٣ ص ٣٣٥.
(٢) وهي قراءة ابن عامر. راجع التبيان: ج ٨ ص ٦١.
(٣) القصص: ٥٣.
(٦٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 686 687 688 689 690 691 692 693 694 695 697 ... » »»