تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٣٧
عن طاعة الله ودينه * (أن تصيبهم فتنة) * أي: محنة في الدنيا تظهر نفاقهم أو بلية.
وعن جعفر بن محمد (عليهما السلام): " يسلط عليهم سلطانا جائرا، وعذابا أليما في الآخرة " (1)، وهذا يدل على أن أوامر النبي (صلى الله عليه وآله) على الوجوب.
أدخل * (قد) * ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة، وتوكيد العلم لتوكيد الوعيد، وذلك أن " قد " إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى " ربما "، فوافقت " ربما " في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قوله:
فإن تمس مهجور الغناء فربما * أقام به بعد الوفود وفود (2) ونحوه قول زهير:
أخي ثقة لا تهلك الخمر ماله * ولكنه قد يهلك المال نائله (3) * (ألا إن لله ما في السماوات والأرض) * قد اختص جميعها به، خلقا وملكا وعلما، فكيف يخفي عليه أحوال المنافقين وإن كانوا يجتهدون في سترها عن العيون وإخفائها، وس‍ * (ينبئهم) * يوم القيامة بما أبطنوه ويجازيهم عليه.
والخطاب والغيبة في قوله: * (قد يعلم ما أنتم عليه) *، * (ويوم يرجعون إليه) * يجوز أن يكونا معا (4) للمنافقين على طريق الالتفات، ويجوز أن يكون * (ما أنتم عليه) * عاما و * (يرجعون) * خاصا. (5)

(1) رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 260.
(2) البيت منسوب لابن عطاء السندي من قصيدة نظمها في رثاء ابن هبيرة لما قتله المنصور الدوانيقي، يقول: فإن هجر الناس بيتك الآن فلا حزن، لأنه كثيرا ما اجتمعوا فيه في حياتك ومنحوا خيرا. راجع شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 62.
(3) البيت من قصيدة يمدح بها حصن بن حذيفة بن بدر ويصفه بالكريم، يقول: إن ماله " لا يتلفه " شئ بقدر ما " يتلفه " عطاؤه المتواصل. راجع ديوان زهير: ص 68.
(4) في نسخة: " عاما ".
(5) في المخطوطة زيادة: بهم.
(٦٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 632 633 634 635 636 637 639 640 641 642 643 ... » »»