تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٥
فرض عليكم الزانية والزاني أي: جلدهما، ويجوز أن يكون الخبر * (فاجلدوا) * لأن الألف واللام بمعنى " الذي " و " التي "، والتقدير: الذي زنى والتي زنت فاجلدوهما، كما تقول: من زنى فاجلدوه. والجلد: ضرب الجلد، تقول: جلده كما تقول: ظهره وبطنه وركبه، وهذا حكم من ليس بمحصن من الزناة الأحرار البالغين، فأما المحصن فحكمه الرجم. وقرئ: " رأفة " بفتح الهمزة (1)، والمعنى:
أن الواجب على المؤمنين أن يستعملوا الجد في دين الله، ولا يأخذهم اللين والهوادة في استيفاء حدوده، وقوله: * (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) * من باب التهييج وإلهاب الغضب لله ولدينه، وقيل: معناه: * (لا تأخذكم بهما) * رحمة تمنعكم عن إقامة الحد عليهما فتعطلوا الحدود (2)، أو: من الضرب الشديد، بل أوجعوهما ضربا ولا تخففوا كما يخفف في حد الشارب.
والرجل يجلد قائما على حالته التي وجد عليها ضربا وسطا مفرقا على الأعضاء كلها، لا يستثنى منها إلا ثلاثة: الوجه والرأس والفرج، وفي لفظ: " الجلد " إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم. والمرأة تجلد قاعدة عليها ثيابها قد ربطت عليها حتى لا تبدو عورتها.
وفي تسميته " عذابا " دليل على أنه عقوبة، ويجوز أن يسمى " عذابا " لأنه يمنع من المعاودة كما يسمى " نكالا ".
والطائفة: الفرقة الحافة حول الشئ، وهم ثلاثة فصاعدا، وهي صفة غالبة، وعن الباقر (عليه السلام) وابن عباس (رضي الله عنه) والحسن وغيرهم: " أن أقلها رجل واحد " (3).

(١) قرأه ابن كثير. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٥٦٥.
(٢) قاله عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم. راجع التبيان: ج ٧ ص ٤٠٦.
(٣) تفسير التبيان: ج ٧ ص ٤٠٦، تفسير الطبري: ج 9 ص 258.
(٦٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 599 600 601 603 604 605 606 607 608 609 610 ... » »»