تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٨٩
راجعون إلى الله وجلت قلوبهم، إذ لم يأمنوا التفريط.
* (أولئك يسارعون في الخيرات) * أي: هم الذين يبادرون إلى الطاعات رغبة منهم فيها * (وهم لها سابقون) * أي: فاعلون السبق لأجلها، أو: سابقون الناس لأجلها، أي: وهذا الذي وصف به الصالحون ليس بخارج من حد الوسع والطاقة، وكل ما عمله العباد من التكاليف مثبت عندنا في * (كتب) * ناطق بالحق، وهو صحيفة الأعمال يقرؤون فيه (1) يوم القيامة ما هو صدق وعدل، لا زيادة فيه ولا نقصان، يوفون أجور أعمالهم * (وهم لا يظلمون) * أي: لا ينقص من ثوابهم ولا يزداد في عقابهم، ولا يؤاخذون بذنب غيرهم.
* (بل) * قلوب الكفار * (في غمرة) * أي: غفلة غامرة لها * (من هذا) * أي: من هذا الكتاب المشتمل على الوعد والوعيد وهو القرآن، أو: من هذا الذي عليه هؤلاء الموصوفون من المؤمنين * (ولهم أعمل) * متجاوزة ل‍ * (ذلك) * أي: لما وصف المؤمنون به * (هم لها) * معتادون، وبها مشتغلون.
* (حتى) * يأخذهم الله * (بالعذاب) *: و " حتى " هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام، والعذاب: قتلهم يوم بدر، أو: الجوع حين دعا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
" اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف (عليه السلام) (2) " فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقد والأولاد " تجأرون " أي: تصيحون وتصرخون باستغاثة، أي: يقال لهم حينئذ: * (لا تجروا) * فإن الجؤار غير نافع لكم * (إنكم منا لا تنصرون) * أي: لا تغاثون (3) ولا تمنعون منا، أو: من جهتنا لا يلحقكم نصر ومعونة.

(١) في نسخة: " منه ".
(٢) انظر تفسير القرطبي: ج ١٢ ص ١٣٥.
(3) في نسخة: " لا تعاونون ".
(٥٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 ... » »»