تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٨٧
بذلك وموصى به، والمراد ب‍ * (الطيبات) *: ما طاب وحل، وقيل: هنا كل ما يستطاب ويستلذ من الأكل والفواكه (1)، ويشهد لذلك مجيئه في إثر قوله:
* (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) *، ويجوز أن يكون وقع هذا الإعلام عند إيواء عيسى (عليه السلام) ومريم إلى الربوة، فذكر على سبيل الحكاية، أي: آويناهما وقلنا لهما هذا، فعلمهما أن الرسل كلهم خوطبوا به، فكلا مما رزقناكما واعملا صالحا اقتداء بالرسل.
وقرئ: * (وإن هذه) * بالكسر على الاستئناف، " وأن " بالفتح (2) بمعنى:
ولأن، " وأن " المخففة من الثقيلة (3)، و * (أمتكم) * مرفوعة معها.
وقرئ: * (زبرا) * جمع زبور، أي: كتبا مختلفة، يعني: جعلوا دينهم أديانا، وقرئ: " زبرا " (4) أي: قطعا، استعيرت من زبر الفضة والحديد، و * (كل) * فرقة من فرق هؤلاء المختلفين الذين تقطعوا دينهم فرح بباطله، معتقدا أنه على الحق، راض بما عنده. * (في غمرتهم) * أي: فيما هم مغمورون فيه من جهلهم وعمايتهم، وأصل الغمرة: الماء الذي يغمر القامة، أو: شبههم الله باللاعبين في الغمرة لما هم عليه من الباطل، قال ذو الرمة:
كأنني ضارب في غمرة لعب (5) * (حتى حين) * إلى أن يقتلوا أو يموتوا، أي: يحسبون هذه الأمداد مسارعة

(١) قاله الزمخشري في الكشاف: ج ٣ ص ١٩٠.
(٢) قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ٤٤٦.
(٣) وهي قراءة ابن عامر. راجع المصدر السابق.
(٤) قرأه ابن عامر والأعمش وأبو عمرو. راجع تفسير السمرقندي: ج ٢ ص ٤١٥، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 408.
(5) وصدره: ليالي اللهو يطبيني فأتبعه، ومعناه واضح. انظر ديوان ذي الرمة: ص 27.
(٥٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 ... » »»