تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٦
مخاطبتهم فقيل: * (فإما يأتينكم) * على لفظ الجماعة كما أسند الفعل إلى السبب وهو في الحقيقة للمسبب، والمراد بالهدى: الكتاب والشريعة.
وعن ابن عباس: ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا قوله: * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) * (1).
* (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى (127) أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مسكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى (128) ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى (129) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى (130)) * * (ومن أعرض عن) * القرآن، وقيل: عن الدلائل (2) فلم ينظر فيها * (فإن له معيشة ضنكا) * أي: عيشا ضيقا، والضنك مصدر يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، والمعني فيه: أن مع الدين القناعة والتوكل على الله والرضا بقسمته، فصاحبه ينفق مما رزق بسهولة وسماح فيكون في رفاهية من عيشه، ومن أعرض عن الدين استولى عليه الحرص والجشع، ويتسلط عليه الشح الذي يقبض يده عن الإنفاق فيعيش في ضنك * (ونحشره يوم القيمة أعمى) * البصر، وقيل: أعمى

(1) حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 431.
(2) ذكره القرطبي في تفسيره: ج 11 ص 258.
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»