تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٦
المخصبة، وتبني الأهراء (1) فيأتيك الخلق من النواحي ويمتارون منك، ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد قبلك، فقال الملك: من لي بهذا؟ ف‍ * (قال اجعلني على خزائن الأرض) * أي: ولني خزائن أرضك * (إني حفيظ) * لما استودعتني أحفظه عن أن تجري فيه خيانة * (عليم) * بوجوه التصرف، وصف نفسه بالأمانة والكفاية اللتين يطلبهما الملوك ممن يولونه، وإنما طلب يوسف الولاية ليتوصل بذلك إلى إمضاء أحكام الله وبسط العدل، ووضع الحقوق مواضعها، ويتمكن من الأمور التي كانت مفوضة إليه من حيث كان نبيا إماما، ولعلمه أن غيره لا يقوم في ذلك مقامه، وفي ذلك دلالة على جواز تولي القضاء من جهة السلطان الجائر إذا كان فيه تمكن من إقامة الحق وتنفيذ أحكام الدين، وقيل: إن الملك كان يصدر عن رأيه ولا يعترض عليه في كل ما رأى، فكان في حكم التابع له والمطيع (2).
* (وكذلك) * أي: ومثل ذلك التمكين الظاهر * (مكنا ليوسف في) * أرض مصر * (يتبوأ منها حيث يشاء) * أي: كل مكان أراد أن يتخذه منزلا ومتبوأ لم يمتنع منه لاستيلائه على جميعها، وقرئ: " نشاء " بالنون (3) * (نصيب برحمتنا) * بعطائنا في الدنيا والدين * (من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين) * في الدنيا. * (ولاجر الآخرة خير) * لهم.
* (وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون (58) ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين (59) فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي

(1) الهرى: بيت كبير يجمع فيه طعام السلطان، والجمع: أهراء. (القاموس المحيط: مادة هرى).
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 482.
(3) قرأه ابن كثير والمفضل. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 468.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»