تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٥
لا يهدي كيد الخائنين) * أي: لا ينفذه ولا يسدده.
ثم تواضع لله وبين أن ما فيه من الأمانة إنما هو بتوفيق الله وعصمته، فقال:
* (وما أبرئ نفسي) * من الزلل * (إن النفس لامارة بالسوء) * أراد الجنس * (إلا ما رحم ربى) * إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة، ويجوز أن يكون بمعنى الزمان، أي: وقت رحمة ربي، وقيل: هو من كلام امرأة العزيز (1)، أي: ذلك الذي قلت ليعلم يوسف أني لم أكذب عليه في حال الغيبة وصدقت فيما سئلت عنه، وما أبرئ نفسي مع ذلك من الخيانة فإني خنته حين قذفته وسجنته، تريد الاعتذار مما كان منها.
* (وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين (54) قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم (55) وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين (56) ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون (57)) * * (أستخلصه) * وأستخصه متقاربان، والمعنى: أنه جعله خالصا لنفسه وخاصا به يرجع إليه في تدبيره * (فلما كلمه) * وعرف فضله وأمانته، لأنه استدل بكلامه على عقله، وبعفته على أمانته * (قال إنك) * أيها الصديق * (اليوم لدينا مكين) * ذو مكانة ومنزلة * (أمين) * مؤتمن على كل شئ.
ثم قال: أيها الصديق، إني أحب أن أسمع رؤياي منك، قال: نعم أيها الملك رأيت سبع بقرات، فوصف لونهن وأحوالهن ووصف السنابل على الهيئة التي رآها، ثم قال له: من حقك أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين

(1) حكاه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 48.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»