تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
خلقهن لحكمة بالغة، وهي أن يجعلها مساكن لعباده، وينعم عليهم فيها بفنون النعم، ويكلفهم ويعرضهم لثواب الآخرة، ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال:
* (ليبلوكم) * أي: ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم كيف تعملون * (أيكم أحسن عملا) * تعليق، لأن في الاختبار معنى العلم، وهو طريق إليه، والذين هم أحسن عملا: هم المتقون، فخصهم بالذكر تشريفا لهم وترغيبا في حيازة فضلهم * (ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت) * فتوقعوه لقالوا: * (إن هذا إلا سحر مبين) * أي: أمر باطل، وأشاروا بهذا إلى القرآن لأن القرآن هو الناطق بالبعث، فإذا جعلوه سحرا فقد اندرج تحته إنكار ما فيه من البعث وغيره، وقرئ: " إلا ساحر " (1) يريدون الرسول.
و * (العذاب) * عذاب الآخرة، وقيل: عذاب يوم بدر (2) * (إلى أمة) * أي:
حين، والمعنى: إلى جماعة من الأوقات * (ليقولن ما يحبسه) * أي: ما يمنعه من النزول استعجالا له، و * (يوم يأتيهم) * منصوب بخبر * (ليس) *، وفيه دليل (3) على جواز تقديم خبر " ليس " على " ليس "، لأن المعمول لا يقع إلا حيث يجوز وقوع العامل فيه، ووضع * (يستهزءون) * موضع يستعجلون، لأن استعجالهم كان على وجه الاستهزاء * (وحاق) * في معنى: " يحيق " إلا أنه جاء على عادة الله في إخباره.
* (ولئن أذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور (9) ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح

(1) قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 391.
(2) قاله ابن عباس في تفسيره: ص 182.
(3) في نسخة: دلالة.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»