تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
وفي قراءة أهل البيت (عليهم السلام): " يثنوني صدورهم " (1) على يفعوعل، من الثني وهو بناء مبالغة، وقرئ بالتاء (2) والياء (3).
* (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتب مبين (6) وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين (7) ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (8)) * * (على الله رزقها) * لما ضمن سبحانه أن يتفضل بالرزق عليهم وتكفل به صار التفضل واجبا، فلذلك جاء بلفظ الوجوب كالنذور الواجبة على العباد * (ويعلم مستقرها) * موضع قرارها ومسكنها * (ومستودعها) * حيث كانت مودعة فيه قبل الاستقرار من: أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، أو البيض * (كل) * أي: كل واحدة من الدواب ورزقها ومستقرها ومستودعها * (في كتب) * في اللوح المحفوظ، يعني: أن ذكرها مكتوب فيه ظاهر.
* (وكان عرشه على الماء) * أي: ما كان تحته خلق إلا الماء، قبل خلق السماوات والأرض وارتفاعه فوقها، وفيه دلالة على أن العرش والماء كانا مخلوقين قبل خلق السماوات والأرض (4) * (ليبلوكم) * يتعلق ب‍ * (خلق) * أي:

(١) انظر البحر المحيط لأبي حيان: ج ٥ ص ٢٠٢.
(٢) وهي قراءة ابن عباس ومجاهد ونصر بن عاصم على ما حكاه عنهم ابن خالويه في شواذ القرآن: ص 64.
(3) وهي قراءة ابن عباس ومجاهد أيضا وابن يعمر وابن أبي إسحاق. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج 5 ص 202.
(4) قال العلامة الطباطبائي (قدس سره): وكون العرش على الماء يومئذ كناية عن أن ملكه تعالى كان مستقرا يومئذ على هذا الماء الذي هو مادة الحياة، فعرش الملك مظهر ملكه، واستقراره على محل هو استقرار ملكه عليه كما أن استواءه على العرش احتواؤه على الملك واخذه في تدبيره، وقول بعضهم: ان المراد بالعرش البناء بعيد عن الفهم. انظر الميزان: ج 10 ص 151.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»