تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
أعذرت إليهم، ومثله: * (فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون) * (1)، * (قل يا أيها الكافرون) * إلى آخر السورة (2)، وقيل: هي منسوخة بآية القتال (3).
* (ومنهم من يستمعون إليك) * أي: ناس يستمعون إذا قرأت القرآن وعلمت الأحكام ولكنهم لا يقبلون ولا يعون، وناس ينظرون إليك ويعاينون دلالاتك وأعلام نبوتك ولكنهم لا يصدقون، ثم قال: أتقدر على إسماع * (الصم) * ولو انضم إلى صممهم عدم العقل؟! لأن الأصم العاقل ربما استدل وعلم، و: أتطمع أن تقدر على هداية * (العمى) * ولو انضم إلى فقد البصر فقد البصيرة؟! يعني: أنهم في اليأس من قبولهم وتصديقهم كالصم والعمي الذين لا عقول لهم ولا بصائر.
* (إن الله لا يظلم الناس شيئا) * لا ينقصهم شيئا مما يتصل بمصالحهم، أو لا يظلمهم في تعذيبهم يوم القيامة، بل العذاب لاحق بهم على سبيل العدل والاستحقاق.
* (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين (45) وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون (46) ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (47)) * يستقربون أيام لبثهم في الدنيا لقلة انتفاعهم بها، وقيل: في القبور لهول ما يرون (4) * (يتعارفون بينهم) * يعرف بعضهم بعضا كأنهم لم يتفارقوا (5) إلا قليلا، وذلك عند خروجهم من القبور، ثم ينقطع التعارف بينهم لشدة الأمر عليهم، قوله:
* (كأن لم يلبثوا) * حال من " هم " أي: نحشرهم مشابهة أحوالهم أحوال من لم

(١) الشعراء: ٢١٦.
(٢) سورة " الكافرون ".
(٣) قاله ابن زيد والكلبي ومقاتل. راجع التبيان: ج ٥ ص ٣٨١، وتفسير البغوي: ج ٢ ص ٣٥٥.
(٤) قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص ١٧٤، وتفسير البغوي: ج ٢ ص ٣٥٥، واختاره الزجاج في معاني القرآن: ج 3 ص 22.
(5) في بعض النسخ: يتعارفوا.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»