تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٧١٩
رؤوسهم مقدار عسكرهم، وكان فرسخا في فرسخ، وقيل لهم: إن قبلتموها بما فيها وإلا ليقعن عليكم، فلما نظروا إلى الجبل خروا سجدا على أحد شقي وجوههم ينظرون إلى الجبل فرقا (1) من سقوطه (2) * (خذوا ما آتيناكم بقوة) * على إرادة القول، أي: وقلنا: خذوا، أو قائلين: خذوا ما آتيناكم من الكتاب بقوة أي: بجد وعزم على احتمال تكاليفه * (واذكروا ما فيه) * من الأوامر والنواهي ولا تنسوه.
* (وإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين (172) أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون (173) وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) * (174) وقرئ: " ذرياتهم " (3)، ومن أفرد فللاستغناء عن جمعه لوقوعه على الجمع، ألا ترى إلى قوله تعالى: * (وكنا ذرية من بعدهم) *، * (من ظهورهم) * بدل من * (بني آدم ) * بدل البعض من الكل، ومعنى أخذ ذرياتهم من ظهورهم: إخراجهم من أصلابهم، وقوله: * (وأشهدهم على أنفسهم) * وقوله: * (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) * من باب التمثيل، والمعني في ذلك أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته، وشهدت بها عقولهم التي ركبها فيهم وجعلها مميزة بين الضلالة والهداية، فكأنه * (أشهدهم على أنفسهم) * وقررهم وقال لهم: * (ألست بربكم) *، وكأنهم * (قالوا بلى) * أنت ربنا * (شهدنا) * على أنفسنا وأقررنا بربوبيتك * (أن تقولوا) * مفعول له،

(١) فرق: فزع. (لسان العرب: مادة فرق).
(٢) راجع قصة موسى (عليه السلام) وقومه في تاريخ الطبري: ج ١ ص ٢٧٠ - 303.
(3) وهي قراءة نافع وابن عامر والبصريان (أبو عمرو ويعقوب). راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 298، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 428.
(٧١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 714 715 716 717 718 719 720 721 722 723 724 ... » »»