تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٦٧٥
كيف كان عقبة المفسدين (86) وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحكمين) * (87) * (و) * أرسلنا * (إلى مدين أخاهم شعيبا) * وكان يقال لشعيب: " خطيب الأنبياء " لحسن مراجعته قومه (1)، وكانوا أهل بخس للمكيال والميزان * (قد جاءتكم بينة من ربكم) * أي: معجزة شاهدة بصحة نبوتي أوجبت عليكم الإيمان بي (2) * (فأوفوا الكيل والميزان) * أريد بالكيل آلة الكيل وهو المكيال، أو سمي ما يكال به بالكيل كما قيل: العيش لما يعاش به، أو أريد أوفوا الكيل ووزن الميزان، أو يكون الميزان بمعنى المصدر كالميعاد والميلاد (3) * (ولا تبخسوا) * ولا تنقصوا، وإنما قيل: * (أشياءهم) * لأنهم كانوا يبخسون الناس كل شئ في مبايعاتهم * (بعد إصلاحها) * بعد الإصلاح فيها، أي: * (لا تفسدوا) * فيها * (بعد) * ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء وأتباعهم، فيكون هذه الإضافة (4) كما في

(١) روى الطبري بإسناده قال: قال ابن إسحاق: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة إذا ذكره قال: ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه. راجع تاريخ الطبري: ج ١ ص ٢٢٩.
(٢) زعم الفراء في معانيه: ج ١ ص ٣٨٥ أن لم يكن لشعيب آية إلا النبوة. قال الزجاج: وهذا غلط فاحش، قال تعالى: * (قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل) * فجاء بالفاء جوابا للجزاء، فكيف يقول: قد جاءتكم بينة من ربكم ولم يكن له آية إلا النبوة؟! فإن كان مع النبوة آية فقد جاءهم بها، وقد أخطأ القائل بقوله: لم تكن له آية، ولو ادعى مدع النبوة بغير آية لم تقبل منه، ولكن القول في شعيب أن آيته كما قال بينة، إلا أن الله جل ثناؤه ذكر بعض آيات الأنبياء في القرآن وبعضهم لم يذكر آيته، فمن لم تذكر آيته لا يقال: لا آية له، وآيات محمد النبي (صلى الله عليه وآله) لم تذكر كلها في القرآن ولا أكثرها وإن كانت له آيات كثيرة، ولم يوجب ذلك نفيها.
انظر معاني القرآن: ج ٢ ص ٣٥٣ - ٣٥٤، والتبيان: ج ٤ ص ٤٦٢.
(٣) انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج ٢ ص ١٢٧.
(٤) وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 354، والزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 127.
(٦٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 670 671 672 673 674 675 676 677 678 679 680 ... » »»