تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٦١
وعتبة (1) وشيبة (2) وأضرابهم (3) يستمعون تلاوة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا للنضر:
يا أبا قتيلة ما يقول محمد؟ فقال: والذي جعلها بيته - يعني الكعبة - ما أدري ما يقول، إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما حدثتكم، وقال أبو سفيان: إني لا أراه حقا، فقال أبو جهل: كلا، فنزلت (4).
والأكنة على القلوب والوقر في الآذان، مثل في نبو (5) قلوبهم وأسماعهم عن قبوله، وأسند الفعل إلى نفسه في قوله: * (وجعلنا) * ليدل على أنه أمر ثابت مستقر فيهم كأنهم مجبولون عليه، أو هي حكاية لما كانوا ينطقون به من قولهم: * (وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب) * (6)، و * (يجادلونك) * في موضع الحال، و * (يقول الذين كفروا) * تفسير لجدالهم، والمعنى: أنه بلغ تكذيبهم بالآيات إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك ويجعلون كلام الله الذي هو أصدق الحديث أكاذيب وخرافات، وهي الغاية في التكذيب * (وهم ينهون) * الناس عن القرآن وعن الرسول واتباعه، ويثبطونهم عن التصديق به * (وينون عنه) * بأنفسهم فيضلون

(١) هو عتبة بن أبي سفيان، ولد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولاه عمر بن الخطاب الطائف، شهد مع عثمان يوم الدار، وشهد حرب الجمل مع عائشة وفقئت عينه بها، ولي إمارة مصر من قبل أخيه معاوية لما مات عمرو بن العاص سنة ٤٣ ه‍، ثم خرج إلى الإسكندرية مرابطا، فابتنى دارا في حصنها القديم، مات بمصر سنة ٤٤ ه‍. (أسد الغابة: ج ٣ ص ٣٦٠، السيرة الحلبية:
ج ٢ ص ١٣٨
).
(٢) هو شيبة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، خال معاوية بن أبي سفيان، من زعماء قريش في الجاهلية، أدرك الاسلام وقتل على الوثنية يوم بدر، وهو أحد الذين نزلت فيهم الآية: * (كما أنزلنا على المقتسمين) *. (أسد الغابة: ج ٣ ص ٧، الأعلام للزركلي: ج ٣ ص ١٨١).
(٣) في نسخة: أحزابهم.
(٤) راجع أسباب النزول للواحدي: ص ١٧٦، والكشاف: ج ٢ ص ١٣.
(٥) النبو بتشديد الواو وتخفيفها: الكل والإعياء. (القاموس المحيط: مادة نبو).
(٦) فصلت: ٥.
(٥٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 ... » »»