تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٥٦
لكم على توحيده بما أنتم تعترفون به من خلق السماوات والأرض، وقيل: أوجب الرحمة على نفسه في إمهال عباده ليتداركوا ما فرط منهم ويتوبوا (1)، وقيل: كتب الرحمة لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) بأن لا يعذبهم في الدنيا بعذاب الاستئصال بل يؤخرهم إلى يوم القيامة (2)، ثم فسر الرحمة بقوله: * (ليجمعنكم إلى يوم القيمة) * على ما ذكرنا أن المراد به إمهال العاصي ليتوب أو تأخير عذابهم، وقيل: إنه وعيد على كفرهم وتركهم النظر، ومعناه: ليجمعن آخركم إلى أولكم قرنا بعد قرن * (إلى يوم القيمة) * فيجازيكم على شرككم (3) * (الذين خسروا أنفسهم) * قيل: هو بدل من سورة الأنعام / 14 - 16 الكاف والميم في * (ليجمعنكم) * وعلى هذا فلا يجوز الوقف على * (لا ريب فيه) * (4). والصواب: الوقف والابتداء ب‍ * (الذين خسروا) * وخبره * (فهم لا يؤمنون) * (5) والمعنى: الذين خسروا أنفسهم لاختيارهم الكفر فهم لا يصدقون بالحق (6)، * (وله) * عطف على * (لله) *، * (ما سكن) * وتمكن * (في اليل والنهار) * ذكر في الأول السماوات والأرض وذكر هنا الليل والنهار، فالأول يجمع المكان والثاني يجمع الزمان، وهما ظرفان لجميع الموجودات من الأجسام والأعراض.

(١) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج ٢ ص ٢٣٢، وعنه القرطبي في تفسيره: ج ٦ ص ٣٩٥.
(٢) وهو قول ابن عباس. راجع تفسيره: ص ١٠٦.
(٣) قاله الزجاج في معانيه: ج ٢ ص ٢٣٢، والماوردي في تفسيره: ج ٢ ص ٩٧، والزمخشري في كشافه: ج ٢ ص ٩.
(٤) قاله الأخفش وفقا لمذهبه الجواز في الابدال من ضمير الحاضر. راجع معاني القرآن: ج ٢ ص ٤٨٢، وحكاه عنه الزجاج في معاني القرآن: ج ٢ ص ٢٣٢، والنحاس في اعراب القرآن: ج ٢ ص ٥٨، والشيخ في التبيان: ج ٤ ص ٨٦.
(٥) وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج ٢ ص ٢٣٢.
(٦) قال الهمداني: ويجوز عندي وجه آخر وهو أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين خسروا أنفسهم. وهو أحسن من الوجه الأول - وهو مختار الزجاج - لأن في الوجه الأول تأخير السبب وتقديم المسبب فاعرفه. راجع الفريد في اعراب القرآن: ج 2 ص 126.
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»