تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٢٧
اقترن به المعرفة فذلك الإيمان الحقيقي.
* (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبت ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (87) وكلوا مما رزقكم الله حللا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون) * (88) روي: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكر أصحابه يوما ووصف القيامة لهم فبالغ في الإنذار، فرقوا، واجتمع عشرة في بيت عثمان بن مظعون (1) واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم ولا الودك (2) ولا يقربوا النساء ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لهم: " إني لم أؤمر بذلك، إن لأنفسكم عليكم حقا، فصوموا وأفطروا، وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم والدسم، وآتي النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني " ونزلت (3) الآية.
* (لا تحرموا) * أي: لا تمنعوا أنفسكم ما طاب ولذ من الحلال، ولا تقولوا: حرمنا الحلال على أنفسنا تزهدا ومبالغة منكم في العزم على تركه * (ولا تعتدوا) * أي:
لا تتعدوا حدود ما أحل لكم إلى ما حرم عليكم، أو جعل تحريم الطيبات اعتداء فنهي عن الاعتداء ليدخل تحته النهي عن تحريمها، أو أراد: ولا تسرفوا في تناول الطيبات * (وكلوا مما رزقكم الله) * أي: من الوجوه الطيبة التي تسمى رزقا، وقوله:
* (حللا) * حال من * (مما رزقكم الله) *، * (واتقوا الله) * تأكيد للوصية بما أمر به،

(١) هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب القرشي الجمحي، أبو السائب، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، هاجر الهجرتين، وشهد بدرا، وهو أول من مات في المدينة سنة اثنتين للهجرة، وأول من دفن بالبقيع. (أسد الغابة: ج ٣ ص ٣٨٥، حلية الأولياء: ج ١ ص ١٠٢).
(٢) الودك: دسم اللحم. (الصحاح: مادة ودك).
(٣) انظر تفسير البغوي: ج ٢ ص ٥٩، وأسباب النزول للواحدي: ص 169.
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»