تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٥٦
يستدفع به ضررا؟ لا بل هو الغني الذي لا يجوز عليه شئ من ذلك، فإن قمتم بشكر نعمته * (وآمنتم) * به فقد أبعدتم عن أنفسكم استحقاق العذاب * (وكان الله شاكرا عليما) * يشكر القليل من أعمالكم ويعلم ما تستحقونه من الجزاء * (إلا من ظلم) * إلا جهر من ظلم، استثني من الجهر الذي لا يحبه الله جهر المظلوم، وهو أن يدعو على الظالم ويذكره بما فيه من السوء (1)، وقيل: هو أن يبدأ بالشتيمة فيرد على الشاتم ينتصر منه (2)، ثم حث سبحانه على العفو وأن لا يجهر أحد لأحد بسوء وإن كان على وجه الانتصار، حثا على الأحب إليه والأفضل عنده، وذكر إبداء الخير وإخفاءه تسبيبا للعفو، ثم عطف العفو عليهما تنبيها على لطف منزلته عند الله، ويدل على ما ذكرنا قوله: * (فإن الله كان عفوا قديرا) * أي: يعفو مع قدرته على الانتقام، فعليكم أن تقتدوا بسنة الله.
* (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا (150) أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا (151) والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما) * (152) سورة النساء / 151 - 153 جعل * (الذين) * آمنوا بالله وكفروا برسله، أو آمنوا بالله وكفروا * (ببعض) * رسله كافرين بالله وبرسله جميعا، ومعنى اتخاذهم * (بين ذلك سبيلا) * أي: طريقا وسطا، ولا واسطة بين الكفر والإيمان، ولذلك قال: * (أولئك هم الكافرون حقا) * أي: هم الكاملون في الكفر، و * (حقا) * تأكيد لمضمون الجملة أو صفة لمصدر

(١) في نسخة: الظلم.
(٢) قاله ابن عباس والسدي. راجع تفسير القرطبي: ج ٦ ص ١.
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»