تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٥٤
الغالب في الخداع حيث عصم دماءهم وأموالهم في الدنيا وأعد لهم الدرك الأسفل من النار في الآخرة * (قاموا كسالى) * أي: متثاقلين لاعن رغبة * (يراءون الناس) * يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة * (ولا يذكرون الله) * أي: لا يصلون * (إلا قليلا) * لأنهم لا يصلون قط (1) غائبين عن عيون الناس وما يجاهرون به قليل، أو لا يذكرون الله بالتسبيح والتحميد إلا ذكرا قليلا في الندرة، والمراءاة: مفاعلة من الرؤية كأن المرائي يري الناس عمله وهم يرونه استحسانه، ويجوز أن يكون بمعنى التفعيل كما قيل: نعمه وناعمه (2)، وقد قرئ في الشواذ: " يرؤون " (3) مثل يرعون أي: يبصرونهم أعمالهم.
سورة النساء / 144 - 147 * (مذبذبين) * إما حال عن واو * (يراءون) * نحو قوله: * (ولا يذكرون) * أي:
يراؤون الناس غير ذاكرين مذبذبين، أو منصوب على الذم يعني: ذبذبهم الشيطان * (بين) * الكفر والإيمان فهم مترددون بينهما متحيرون. وحقيقة المذبذب: الذي يذب عن كلا الجانبين، أي: يذاد ويدفع فلا يقر في حال واحدة كما قيل: فلان يرمى به الرجوان (4)، وقراءة ابن عباس: " مذبذبين " بكسر الذال (5) معناه:
يذبذبون قلوبهم أو دينهم أو رأيهم، و * (ذلك) * إشارة إلى الكفر والإيمان * (لا) * منسوبين * (إلى هؤلاء) * فيكونوا مؤمنين * (ولا) * منسوبين * (إلى هؤلاء) * فيكونوا كافرين.

(١) انظر تفصيل " قط " وأوجهها في مغني اللبيب لابن هشام: ص ٢٣٣.
(٢) راجع تفصيله في الكشاف: ج ١ ص ٥٨٠.
(٣) وهي قراءة ابن أبي إسحاق والأشهب العقيلي. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص ٣٦، والمحتسب لابن جني: ج ١ ص ٢٠٢.
(٤) قال الجوهري في الصحاح: مادة (رجا): والرجى - مقصور - ناحية البئر وحافتاها، وكل ناحية رجا، والرجوان: حافتا البئر، فإذا قالوا: رمي به الرجوان أرادوا أنه طرح في المهالك.
(٥) حكاه عنه ابن خالويه في شواذ القرآن: ص 36، والقرطبي في تفسيره: ج 5 ص 424.
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»