تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) * (273) الجار يتعلق بمحذوف، والتقدير: اعمدوا * (للفقراء) * أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي: صدقاتكم للفقراء، و * (الذين أحصروا في سبيل الله) * هم الذين أحصرهم الجهاد * (لا يستطيعون) * لاشتغالهم به * (ضربا في الأرض) * للكسب، قيل: وهم أصحاب الصفة وهم نحو من أربعمائة رجل لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر، فكانوا في صفة المسجد - وهي سقيفته - يتعلمون القرآن بالليل ويرضخون النوى بالنهار، وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى (1) * (يحسبهم الجاهل) * بحالهم * (أغنياء من التعفف) * أي: مستغنين من أجل تعففهم عن المسألة * (تعرفهم بسيماهم) * من صفرة الوجه ورثاثة الحال، أو الخضوع الذي هو شعار الصالحين * (لا يسلون الناس إلحافا) * أي إلحاحا، ومعناه: إن سألوا سألوا بتلطف ولم يلحوا، وقيل: هو نفي للسؤال والإلحاف جميعا (2) كقول امرئ القيس (3):

(١) قاله السمرقندي في تفسيره: ج ١ ص ٢٣٣، وذكره الزمخشري في كشافه: ج ١ ص ٣١٨.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 1 ص 357.
(3) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، من بني آكل المرار، اشتهر بلقبه، واختلف في اسمه، فقيل: حندج، وقيل: مليكة، وقيل: عدي، أشهر شعراء العرب على الاطلاق، يماني الأصل، ومولده بنجد نحو 130 قبل الهجرة، وقيل في مخلاف السكاسك باليمن، وكان أبوه ملك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل الشاعر، فلقنه الشعر فقاله وهو غلام، وأخذ يعاشر صعاليك العرب فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، ويعرف بالملك الضليل لاضطراب أمره طول حياته، وذي القروح لما أصابه في مرض موته، مات في أنقرة نحو سنة 80 قبل الهجرة عند عودته من أرض الروم. (تاريخ ابن عساكر: ج 3 ص 104، والأغاني: ج 9 ص 77، وجمهرة الأنساب: ص 39، والشعر والشعراء لابن قتيبة: ص 31، وخزانة الأدب للبغدادي: ج 1 ص 160، و ج 3 ص 609 - 612).
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»