تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٨٠
المذنب باللام، ويعدى إلى الجاني وإلى الذنب ب‍ " عن " فيقال: عفوت عن فلان وعن ذنبه، وإنما قيل: شئ من العفو للإشعار بأنه إذا عفي له طرف من العفو وبعض منه بأن يعفى عن بعض الدم أو عفى عنه بعض الورثة تم العفو وسقط القصاص ولم يجب إلا الدية * (فاتباع بالمعروف) * أي: فليكن اتباع أو فالأمر اتباع، وهذه توصية للعافي والمعفو عنه جميعا، أي: فليتبع الولي القاتل بالمعروف بأن لا يعنف به ولا يطالبه إلا مطالبة جميلة وليؤد إليه القاتل بدل الدم أداء * (بإحسان) * بأن لا يمطله ولا يبخسه * (ذلك) * الحكم المذكور من: القصاص أو العفو أو الدية * (تخفيف من ربكم ورحمة) * لأن أهل التوراة كتب عليهم القصاص أو العفو وحرم عليهم أخذ الدية، وعلى أهل الإنجيل العفو أو الدية وحرم القصاص * (فمن اعتدى بعد ذلك) * بأن قتل بعد قبول الدية أو العفو أو تجاوز ما شرع له من قتل غير القاتل * (فله عذاب أليم) * أي: نوع من العذاب شديد الألم في الآخرة * (ولكم في القصاص حياة) * فيه فصاحة عجيبة، وذلك أن القصاص قتل وتفويت للحياة وقد جعل ظرفا ومكانا للحياة، وفي تعريف القصاص وتنكير الحياة معنى:
أن لكم في هذا الجنس من الحكم الذي هو القصاص حياة عظيمة، وذلك أنهم كانوا يقتلون بالواحد الجماعة ويقتلون بالمقتول غير قاتله فتقع الفتنة، فكانت في القصاص حياة أي حياة أو نوع من الحياة، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل فيسلم صاحبه من القتل وسلم هو من القود، فكأن القصاص سبب حياة نفسين * (لعلكم تتقون) * القتل خوفا من القصاص، أو لعلكم تعملون عمل أهل التقوى.
سورة البقرة / 180 - 182 * (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) * (180)
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»