الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٤٠
قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين. قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين.
سورة ن مكية. وهى ثنتان وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم ن والقلم
____________________
في أول الليل في صلاته فبقى يكررها وهو يبكى إلى أن نودي لصلاة الفجر، ولعمرى إنها لو قادة لمن تصور تلك الحالة وتأملها. كان كفار مكة يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك، فأمر بأن يقول لهم: نحن مؤمنون متربصون لإحدى الحسنيين، إما أن نهلك كما تتمنون فننقلب إلى الجنة، أو نرحم بالنصرة والإدالة للإسلام كما نرجو، فأنتم ما تصنعون من يجيركم وأنتم كافرون من عذاب النار لابد لكم منه: يعنى أنكم تطلبون لنا الهلاك الذي هو استعجال للفوز والسعادة، وأنتم في أمر هو الهلاك الذي لا هلاك بعده، وأنتم غافلون لا تطلبون الخلاص منه، أو إن أهلكنا الله بالموت فمن يجيركم بعد موت هداتكم والآخذين بحجزكم من النار، وإن رحمنا بالإمهال والغلبة عليكم وقتلكم فمن يجيركم، فإن المقتول على أيدينا هالك، أو إن أهلكنا الله في الآخرة بذنوبنا ونحن مسلمون فمن يجير الكافرين وهم أولى بالهلاك لكفرهم، وإن رحمنا بالإيمان فمن يحجز من لا إيمان له.
فإن قلت: لم أخر مفعول آمنا وقدم مفعول توكلنا؟ قلت: لوقوع آمنا تعريضا بالكافرين حين ورد عقيب ذكرهم كأنه قيل آمنا ولم نكفر كما كفرتم، تم قال: وعليه توكلنا خصوصا لم نتكل على ما أنتم متكلون عليه من رجالكم وأموالكم (غورا) غائرا ذاهبا في الأرض. وعن الكلبي: لا تناله الدلاء وهو وصف بالمصدر كعدل ورضا. وعن بعض الشطار أنها تليت عنده فقال: تجئ به الفؤوس والمعاول فذهب ماء عينيه، نعوذ بالله من الجراءة على الله وعلى آياته. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الملك فكأنما أحيا ليلة القدر ".
سورة ن مكية. وهى ثنتان وخمسون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) قرئ ن والقلم وبالبيان والإدغام وبسكون النون وفتحها وكسرها كما في ص، والمراد هذا الحرف من حروف المعجم، وأما قولهم هو الداوة فما أدرى أهو وضع لغوى أم شرعي، ولا يخلو إذا كان اسما للدواة من أن يكون
(١٤٠)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»