الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥٣٥
بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم. فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم. ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذ أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم.
____________________
(فقد جاء أشراطها) على القراءتين؟ قلت: بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول كقولك: إن أكرمني زيد فأنا حقيق بالإكرام أكرمه، والأشراط العلامات، قال أبو الأسود:
فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا * فقد جعلت أشراط أوله تبدو وقيل مبعث محمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وعليهم منها وانشقاق القمر والدخان. وعن الكلبي:
كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام. وقرئ بغتة بوزن جربة، وهى غريبة لم ترد في المصادر أختها، وهى مروية عن أبي عمرو، وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي على أبى عمرو، وأن يكون الصواب بغتة بفتح الغين من غير تشديد كقراءة الحسن فيما تقدم. لما ذكر حال المؤمنين وحال الكافرين قال: إذا علمت أن الأمر كما من سعادة هؤلاء وشقاوة هؤلاء فأثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله وعلى التواضع وهضم النفس باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك. والله يعلم أحوالكم ومتصرفاتكم ومتقلبكم في معايشكم ومتاجركم، ويعلم حيث تستقرون في منازلكم أو متقلبكم في حياتكم ومثواكم في القبور، أو متقلبكم في أعمالكم ومثواكم من الجنة والنار. ومثله حقيق بأن يخشى ويتقى وأن يستغفر ويسترحم. وعن سفيان بن عيينة أنه سئل عن فضل العلم فقال: ألم تسمع قوله حين بدأ به فقال - فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك - فأمر بالعمل بعد العلم وقال - اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو - إلى قوله - سابقوا إلى مغفرة من ربكم - وقال - واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة - ثم قال بعد - فاحذروهم - وقال - واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن الله خمسه - ثم أمر بالعمل بعد. كانوا يدعون الحرص على الجهاد ويتمنونه بألسنتهم ويقولون (لولا نزلت سورة) في معنى الجهاد (فإذا أنزلت) وأمروا فيها بما تمنوا وحرصوا عليه كاعوا وشق عليهم وسقطوا في أيديهم كقوله تعالى - فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس - (محكمة) مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلا وجوب القتال، وعن قتادة: كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة، وهى أشد القرآن على المنافقين، وقيل لها محكمة لأن النسخ لا يرد عليها من قبل أن القتال قد نسخ ما كان من الصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة. وقيل هي المحدثة لأنها حين يحدث نزولها لا يتناولها النسخ ثم تنسخ بعد ذلك أو تبقى غير منسوخة. وفى قراءة عبد الله: سورة محدثة وقرئ فإذا نزلت سورة وذكر فيها القتال على البناء للفاعل ونصب القتال (الذين في قلوبهم مرض) هم الذين كانوا على حرف غير ثابتي الأقدام (نظر المغشى عليه من الموت) أي تشخص أبصارهم جبنا وهلعا وغيظا كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت (فأولى لهم) وعيد بمعنى فويل لهم، وهو أفعل من الولي وهو القرب ومعناه:
(٥٣٥)
مفاتيح البحث: الموت (1)، المرض (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»