الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٧٢
كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون. وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوأ أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون. خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون. ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين.
____________________
الجنس اختصارا ولأن الغرض الدلالة على الجنس. كانوا يقدرون أنه سيموت فيشمتون بموته فنفى الله تعالى عنه الشماتة بهذا: أي قضى الله أن لا يخلد في الدنيا بشرا فلا أنت ولا هم عرضة للموت، فإذا كان الأمر كذلك فإن مت أنت أيبقى هؤلاء؟ وفى معناه قول القائل:
فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا أي نختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا وبما يجب فيه الشكر من النعم وإلينا مرجعكم فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر، وإنما سمى ذلك ابتلاء وهو عالم بما سيكون من أعمال العاملين قبل وجودهم لأنه في صورة الاختبار. (وفتنة) مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه. الذكر يكون بخير وبخلافه، فإذا دلت الحال على أحدهما اطلاق ولم يقيد كقولك للرجل سمعت فلانا يذكرك، فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء وإن كان عدوا فذم، ومنه قوله تعالى - سمعنا فتى يذكرهم - وقوله (أهذا الذي يذكر آلهتكم) والمعنى: أنهم عاكفون على ذكر آلهتهم بهممهم وما يجب أن لا تذكر به من كونهم شفعاء وشهداء ويسوءهم أن يذكرها ذاكر بخلاف ذلك. وأما ذكر الله وما يجب أن يذكر به من الوحدانية فهم به كافرون لا يصدقون به أصلافهم أحق بأن يتخذوا هزؤا منك فإنك محق وهم مبطلون. وقيل معنى " بذكر الرحمن " قولهم ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة وقولهم - وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا - وقيل بذكر الرحمن بما أنزل عليك من القرآن والجملة في موضع الحال: أي يتخذونك هزؤا وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهى الكفر بالله. كانوا يستعجلون عذاب الله وآياته الملجئة إلى العلم والإقرار (ويقولون متى هذا الوعد) فأراد نهيهم عن الاستعجال وزجرهم، فقدم أولا ذم الإنسان على إفراط العجلة وأنه مطبوع عليها، ثم نهاهم وزجرهم كأنه قال: ليس ببدع منكم أن تستعجلوا فإنكم مجبولون على
(٥٧٢)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 ... » »»