الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ٢١٢
في شئ وإن لوحظ أجزاؤه مفصلة في ضمن الألفاظ المتعددة وألف منها هيئة وحدانية وشبهت بأخرى مثلها كان تشبيها مركبا قطعا فانكشف لك أن التشبيه المركب يجب أن يكون لفظه مركبا على أحد الأنحاء المذكورة وقد بينا في شرح المفتاح أن التشبيه التمثيلى والاستعارة المبنية عليه يجب تركبهما قطعا وأن ما توهمه جماعة من المنتمين إلى هذه الصناعة خيالات فاسدة (لا يشعر) مؤكد ومقرر لتساوى الحالين عنده، و (ذلك) إشارة إلى المذكور الذي هو حمل الأسفار وحمل ما عداها وقيل حال من فاعل (يحمل) ويرده أن تساوى الحالتين معطوف على جهله فيقع الفصل بين أجزاء الصلة بأجنبي (بدفيه) أي بجنبيه و (قلة بقاء) مبتدأ خبره (كقلة بقاء الخضر) والجملة خبر المبتدأ الذي هو المراد. ومصيره اسم مفعول معطوف على (منوط) أي غير مجعول شيئا واحدا، وقوله (فلا) جواب (أما) أي فلا يثبت وقد يقال في الكلام اختصار بحذف أما في أحد التفصيلين أي أما أن يراد تشبيه المركب بالمركب فمتحقق وأما أن يراد تشبيه الأفراد بالأفراد فلا يتحقق ويدفع لزوم ذلك بجواز السكوت على قوله أما زيد فقائم (فكذلك) الفاء جواب لشرط مقدر وذلك إشارة إلى التشبيه السابق وكذلك مصدر لشبهت أي إذا عرفت ما ذكرنا قبل ذلك التشبيه المتقدم (شبهت حيرتهم) والمراد الحيرة الخاصة الناشئة من وقوعهم في الضلالة التي استبدلوها بالهدى وقد اعتبر التركيب في التفسير الآخر كما أشرنا إليه (قوله وكذلك) أي ومثل من طفئت ناره من أخذته السماء في أنه شبهت بما يكابده أيضا حيرة المنافقين وشدة الأمر عليهم (قوله الذي كنت تقدره) أي تفرضه وتعتبره لأن المقدر المقابل للملفوظ هو المضاف لا حذفه وقيل تساهل في العبارة وأراد المضاف المحذوف (وهو) أي ذلك المقدر أو المضاف وقوله (هل تقدر مثله) ظاهر في تقدير كمثل ذوي صيب إلا أن تمسكه بطلب الضمير مرجوعا إليه لا يقضى إلا بتقدير ذوي. وأما تقدير مثل فلأن المقصود تشبيه صفة المنافقين بصفة ذوي صيب وتقديره أوفى في تأدية هذا المعنى وأشده ملاءمة مع المعطوف عليه وهو كمثل الذي استوقد - ومع المشبه وهو مثلهم وإن صح أن يقال أو كذوي صيب على طريقة قوله تعالى - إنما مثل الحياة الدنيا كماء - ومنهم من جعل تقديره المثل أمرا مسلما يقتضيه العطف على السابق ثم بنى عليه تقدير ذوي لأن إضافة القصة إلى كل واحد من الأجزاء التي لها مدخل فيها صحيحة لكن إضافتها إلى أصحابها حقيقة وإلى الباقي مجاز ألا ترى إلى ما ذكره المصنف في قوله تعالى مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة - من أنه لا بد من حذف المضاف: أي مثل نفقتهم أوكمثل باذر حبة. ورد عليه بأن كلامه صريح
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»