التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٥٦
آيتان وبعض آية في المكي والمدني الأخير، وآيتان فيما عداه، عد المكي والمدني الأخير إلى " قوي عزيز " تمام التي قبلها.
قرأ الأعشى (عشيراتهم) على الجمع، الباقون (عشيرتهم) على الافراد.
قوله (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) معناه إنه كتب في اللوح المحفوظ وما كتبه فلابد من أن يكون. وقال الحسن: ما أمر الله نبيا قط بحرب الا غلب إما في الحال أو فيما بعد. ويحتمل أن يكون المراد (كتب الله لا غلبن أنا ورسلي) بالحجج والبراهين، وان جاز ان يغلب في الحرب في بعض الأوقات. والغلبة قهر المنازع حتى يصير في حكم الذليل للقاهر، وقد يقهر ما ليس بمنازع، كقولهم قهر العمل حتى فرغ منه. والله تعالى غالب بمعنى انه قاهر لمن نازع أولياءه. وقوله (ان الله قوي عزيز) اخبار منه تعالى انه قادر لا يمكن أحدا من قهره ولا غلبته لان مقدوراته لا نهاية لها ومن كان كذلك لا يمكن قهره. والعزيز المنيع بكثرة مقدوراته.
وقوله (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) معناه ان المؤمن لا يكون مؤمنا كامل الايمان والثواب يواد من خالف حدود الله ويشاقه ويشاق رسوله ومعنى يواده يواليه، وإن كان ذلك الذي يواده أباه أو ابنه أو أخاه أو عشيرته، فمن خالف ذلك ووالى من ذكرناه كان فاسقا، لا يكون كافرا، وكل كافر فهو محاد لله ولرسوله. والموادة الموالاة بالنصرة والمحبة، فهذا لا يجوز إلا للمؤمن بالله دون الكافر، والفاسق المرتكب للكبائر، لأنه يجب البراءة منهما، وهي منافية للموالاة. والآية نزلت في حاطب بن أبي بلتقة حين كتب إلى أهل مكة يشعرهم بأن النبي صلى الله عليه وآله عزم على أن يأتي مكة بغتة يفتحها. وكان النبي صلى الله عليه وآله أخفى ذلك، فلما عوتب على ذلك، قال أهلي بمكة أحببت ان يحوطوهم بيد تكون لي عندهم، فأنزل الله تعالى فيه الآية.
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»
الفهرست