التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٣
الأموات وأرسل أرواح الاحياء.
ثم قال (إن في ذلك) يعني في قبض الأرواح تارة بالموت، وقبض الأنفس بالنوم أخرى (لآيات) أي دلالات واضحات على توحيد الله، فإنه لا يقدر عليه سواه (لقوم يتفكرون) أي يستعملون عقولهم بالفكر في ذلك فيعرفون الله تعالى بذلك.
ثم اخبر عن هؤلاء الكفار فقال (أم اتخذوا) معناه بل اتخذ هؤلاء الكفار (من دون الله شفعاء) بزعمهم، من الأصنام والأوثان فقال (قل) لهم يا محمد (أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون) تنبيها لهم على أنهم يتخذونهم شفعاء وإن كانوا لا يقدرون على شئ من الشفاعة ولا غيرهما ولا يعقلون شيئا. والألف في (أولو) الف الاستفهام يراد به التنبيه. ثم قال (قل) لهم يا محمد (لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض) أي الشفاعة لمن له التدبير والتصرف في السماوات والأرض ليس لأحد الاعتراض عليه في ذلك (ثم إليه ترجعون) معاشر الخلق أي إلى حيث لا يملك أحد التصرف والأمر والنهي سواه، وهو يوم القيامة فيجازي كل إنسان على عمله على الطاعات بالثواب وعلى المعاصي بالعقاب.
ثم اخبر عن حالهم وشدة عنادهم، فقال (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة) يعني نفرت نفوسهم عن التوحيد وانقبضت عنه يقال: فلان مشمئز عن كذا إذا انقبض عنه. وفي قوله: اشمأزت قلوبهم دليل على فساد قول من يقول المعارف ضرورة (وإذا ذكر الذين من دونه) قال السدي: يعني أوثانهم (إذا هم يستبشرون) أي يفرحون ويسرون حتى يظهر السرور في وجوههم.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست