التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٨
كل نبي خاطبوا نبيهم بمثل ذلك، كما قال تعالى مخبرا عن قوم هود (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) (1) وقرأ أبو عمرو والكسائي عن أبي بكر (كاشفات ضره.. ممسكات رحمته) منون فيهما. الباقون بالإضافة. فمن أضاف فللتخفيف.
ومن نون، فلانه غير واقع، واسم الفاعل إنما يعمل إذا كان لما يستقبل قوله (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) (2) على الحكاية.
وقوله (أليس الله بكاف عبده) لفظه لفظ الاستفهام والمراد به التقرير يقرر عباده، فيقول: أليس الله الذي يكفي عبده كيد أعدائه ويصرف عنه شرهم، فمن وحد - أراد محمد صلى الله عليه وآله وهو قول السدي وابن زيد. ومن جمع - أراد أنبيائه ك‍ (إبراهيم ولوط وشعيب).
وقوله (ويخوفونك بالذين من دونه) خطاب للنبي صلى الله عليه وآله بأن الكفار يخوفونه بالأوثان التي كانوا يعبدونها - في قول قتادة والسدي وابن زيد - لأنهم قالوا له: أما تخاف ان تهلكك آلهتنا. وقيل: إنه لما قصد خالد لكسر العزى بأمر النبي صلى الله عليه وآله قالوا له ساداتها: إياك يا خالد إن بأسها شديد.
ثم قال (ومن يضلل الله فما له من هاد) يحتمل معناه شيئين:
أحدهما - من أضله عن طريق الجنة بكفره ومعاصيه فليس له هاد يهديه إليها.
والثاني - ان من حكم الله بضلالته وسماه ضالا إذا ضل هو عن الحق فليس له من يحكم بهدايته وتسميته هاديا. ثم عكس ذلك فقال (ومن يهدي الله فما له من مضل) وهو يحتمل أمرين:
أحدهما - من يهديه الله إلى طريق الجنة فلا أحد يضله عنها.

(1) سورة 11 هود آية 54 (2) سورة 18 الكهف آية 18
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست