التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٠٩
قوله تعالى:
(إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم (36) إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (37) ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (38) ثلاث آيات بلا خلاف.
يقول الله تعالى مزهدا لخلقه في الانعكاف على الدنيا، ومرغبا لهم في التوفر على عمل الآخرة (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو) وإنما زهدهم في الدنيا لكونها فانية ورغبهم في الآخرة لكونها باقية، فمن اختار الفاني على الباقي كان جاهلا ومنقوصا ومعنى (الحياة الدنيا لعب ولهو) أي ذات لعب ولهو، لان غالب أمر الناس في الدنيا اللعب واللهو، وذلك عبث وغرور وانصراف عن الحد الذي يدوم به السرور والحبور، وقيل: شبهت باللعب واللهو لانقطاعها عن صاحبها بسرعة، فالتقدير على هذا إنما الحياة الدنيا كاللعب واللهو في سرعة الانقضاء، والآخرة كالحقيقة في اللزوم والامتداد، فإحداهما كالحقيقة، والأخرى كالمخرقة. ثم قال (وإن تؤمنوا) بوحدانيته وتصديق رسوله (وتتقوا) معاصيه (يؤتكم أجوركم) على ذلك وثوابكم على طاعتكم (ولا يسألكم أموالكم) أن تدفعوها إليه. وقيل (لا يسألكم أموالكم) كلها وإن أوجب عليكم الزكاة في بعض أموالكم. وقيل المعنى (لا يسألكم أموالكم) بل أمواله، لأنه تعالى مالكها والمنعم بها.
(٣٠٩)
مفاتيح البحث: سبيل الله (1)، الزكاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست