التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٠٧
على ذلك، لأنكم لا تستحقون الثواب على ما يعلم الله أنه يكون.
الثاني - حتى نعاملكم معاملة من كأنه يطلب ان يعلم.
وقيل: معناه حتى يعلم أوليائي المجاهدين منكم، وأضافه إلى نفسه تعظيما لهم وتشريفا، كما قال " إن الذين يؤذون الله ورسوله " (1) يعني يؤذن أولياء الله. وقيل:
معناه حتى يتميز المعلوم في نفسه، لأنهم إنما يتميزون بفعل الايمان. وقيل: المعنى حتى تعلموا أنتم، واضافه إلى نفسه تحسنا كما أن الانسان العالم إذا خولف في أن النار تحرق الحطب يحسن ان يقول: نجمع بين النار والحطب لنعلم هل تحرق أم لا، ولا يجوز أن يكون المراد حتى نعلم بعد ان لم نكن عالمين، لأنه تعالى عالم في ما لم يزل بالأشياء كلها، ولو تجدد كونه عالما لاحتاج إلى علم محدث كالواحد منا وذلك لا يجوز أن يكون غرضا بالتكليف، لكن يجوز أن يكون الغرض ظهور حق الذم على الإساءة، وإنما جاز في وصف الله الابتلاء، لان المعنى انه يعامل معاملة المبتلي المختبر مظاهرة في العدل بالجزاء لها. والجهاد احتمال المشقة في قتال المشركين وأعداء دين الله. وأفضل الاعمال علم الدين، والجهاد في سبيل الله، لان علم الدين به يصح العمل بالحق والدعاء إليه. والجهاد داع إلى الحق مع المشقة فيه. والصابر هو الحابس نفسه عما لا يحل له. وهي صفة مدح. ومع ذلك ففيها دليل على حاجة الموصوف بها، لأنه إنما يحبس نفسه ويمنعها مما تشتهيه أو تنازع إليه من القبيح " ونبلوا أخباركم " أي نختبر اخباركم ونعلم المطيع من العاصي.
ثم اخبر تعالى " إن الذين كفروا " بوحدانيته وجحدوا نبوة نبيه " وصدوا " أي منعوا غيرهم " عن " اتباع " سبيل الله " بالقهر تارة وبالاغراء أخرى " وشاقوا الرسول " أي عاندوه وباعدوه بمعاداته " من بعدما تبين لهم الهدى " ووضح لهم

(1) سورة 33 الأحزاب آية 57
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست