التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٠٣
تعملوا فيها بالمعاصي " وتقطعوا أرحامكم " فلا تصلونها، فان الله تعالى يعاقبكم عليه بعذاب الأبد ويلعنكم.
ثم قال " أولئك الذين لعنهم الله " أي أبعدهم الله عن رحمته " فأصمهم وأعمى أبصارهم " أي سماهم عميا وصما، وحكم عليهم بذلك، لأنهم بمنزلة الصم والعمي من حيث لم يهتدوا إلى الحق ولا أبصروا الرشد، ولم يرد الاصمام في الجارحة والاعماء في العين، لأنهم كانوا بخلافه صحيحي العين صحيحي السمع.
ثم قال موبخا لهم " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " معناه أفلا يتدبرون القرآن بأن يتفكروا فيه ويعتبروا به أم على قلوبهم قفل يمنعهم من ذلك تنبيها لهم على أن الامر بخلافه. وليس عليها ما يمنع من التدبر والتفكر والتدبر في النظر في موجب الامر وعاقبته، وعلى هذا دعاهم إلى تدبر القرآن.
وفى ذلك حجة على بطلان قول من يقول لا يجوز تفسير شئ. من ظاهر القرآن إلا بخبر وسمع.
وفيه تنبيه على بطلان قول الجهال من أصحاب الحديث انه ينبغي ان يروى الحديث على ما جاء وإن كل مختلا في المعنى، لان الله تعالى دعا إلى التدبر والفقه وذلك مناف للتاجل والتعامي.
ثم قال " إن الذين ارتدوا على ادبارهم " أي رجعوا عن الحق والايمان " من بعد ما تبين لهم الهدى " أي ظهر لهم الطريق الواضح المفضي إلى الجنة.
وليس في ذلك ما يدل على أن المؤمن على الحقيقة يجوز ان يرتد، لأنه لا يمتنع أن يكون المراد من رجع عن إظهار الايمان بعد وضوح الامر فيه وقيام الحجة بصحته.
ثم قال " الشيطان سول لهم " أي زين لهم ذلك. وقيل: معناه أعطاهم سؤلهم من خطاياهم " وأملى لهم " أي أمهلهم الشيطان، وأملى لهم بالأطماع والاغترار.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست