التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٩٨
لقراءة القرآن منه وسمع ما يؤديه إلى الحق من الوحي وما يدعوه إليه، فلا يصغي إليه ولا ينتفع به حتى إذا خرج من عنده لم يدر ما سمعه ولا فهمه، ويسألون أهل العلم الذين آتاهم الله العلم والفهم من المؤمنين (ماذا قال آنفا) اي أي شئ قال الساعة؟ وقيل: معناه قرينا مبتديا. وقيل: إنهم كانوا يتسمعون للخطبة يوم الجمعة وهم المنافقون، والآنف الجائي بأول المعنى ومنه الاستئناف، وهو استقبال الامر بأول المعنى، ومنه الانف لأنه أول ما يبدو من صاحبه، ومنه الانفة رفع النفس عن أول الدخول في الرتبة. وإنما قال (ومنهم من يستمع إليك) فرده إلى لفظة (من) وهي موحدة. ثم قال (حتى إذا خرجوا) بلفظ الجمع برده إلى المعنى، لان (من) يقع على الواحد والجماعة.
ثم قال تعالى (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم) أي وسم قلوبهم وجعل عليها علامة تدل على أنهم كفار لا يؤمنون، وهو كالختم وإن صاحبه لا يؤمن فطبع الله على قلوب هؤلاء الكفار ذما لهم على كفرهم أي لكونهم عادلين عن الحق واخبر أنهم (اتبعوا) في ذلك (أهواءهم) وهو شهوة نفوسهم وما مال إليه طبعهم دون ما قامت عليه الحجة يقال: هوى يهوي هوى فهو هاو، واستهواه هذا الامر أي دعاه إلى الهوى.
ثم وصف تعالى المؤمنين فقال (والذين اهتدوا) إل الحق، ووصلوا إلى الهدى والايمان (زادهم هدى) فالضمير في زادهم يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها - زادهم الله هدى بما ينزل عليهم من الآيات والاحكام، فإذا أقروا بها وعرفوها زادت معارفهم.
الثاني - زادهم ما قال النبي صلى الله عليه وآله هدى.
الثالث - زادهم استهزاء المنافقين إيمانا.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست