التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٠
الله وجحدوا نعمه " للحق لما جاءهم " يعني القرآن، والمعجزات التي ظهرت على يد النبي صلى الله عليه وآله " هذا سحر مبين " أي حيلة لطيفة ظاهرة، ومن اعتقد ان السحر حيلة لطيفة لم يكفر بلا خلاف. ومن قال إنه معجزة كان كافرا، لأنه لا يمكنه مع هذا القول إن يفرق بين النبي والمتنبي.
ثم قال " أم يقولون افتراه " أي بل يقولون اختلقه واخترعه فقال الله تعالى له " قل " لهم " إن " كنت (افتريته) واخترعته (فلا تملكون لي من الله شيئا) أي إن كان الامر على ما تقولون إني ساحر ومفتر لا يمكنكم أن تمنعوا الله مني إذا أراد اهلاكي على افترائي عليه (هو أعلم بما تفيضون فيه) يقال:
أفاض القوم في الحديث إذا مضوا فيه، وحديث مستفيض أي شائع، من قولكم هذا سحر وافتراء، ثم قل لهم (كفى به) يعني بالله (شهيدا بيني وبينكم) يشهد للمحق منا والمبطل (وهو الغفور) لذنوب عباده (الرحيم) بكثرة نعمه عليهم. وفي ذلك حث لهم على المبادرة بالتوبة والرجوع إلى طريق الحق، ثم قال (قل) يا محمد صلى الله عليه وآله (ما كنت بدعا من الرسل) فالبدع الأول في الامر يقال:
هو بدع من قوم أبداع قال عدي بن زيد:
فلا أنا بدع من حوادث تعتري * رجالا عرت من بعد يؤمن واسعد (1) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: معناه ما كنت بأول رسول بعث وقوله (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) قال الحسن: معناه لا أدري ما يأمرني الله تعالى فيكم من حرب أو سلم أو تعجيل عقابكم أو تأخيره. وقال قل لهم (إن اتبع إلا ما يوحي إلي) أي لست اتبع في أمركم من حرب أو سلم أو امر أو نهي إلا ما يوحي الله إلي ويأمرني به (وما أنا إلا نذير مبين) أي لست إلا مخوفا من

(1) تفسير الطبري 26 / 4
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست