التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٧
تكرير ذلك الا بانة عن أن هذه السورة حالها حال السورة التي قبلها في أنه تعالى نزلها وشرفها وكرمها في الإضافة إلى العزيز الحكيم. والعزيز القادر الذي لا يغالب ولا يقهر. وقيل هو العزيز في انتقامه من أعدائه الحكيم في افعاله. وقد يكون الحكيم بمعنى العالم بتصريف الأمور الذي لا يوقعها الا على مقتضى العلم في التدبير وهو صفة مدح، وضده السفيه، وضد العزيز الذليل.
ثم قال تعالى مخبرا إنا " ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق " ومعناه إنا لم نخلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ومعناه إنه لم توجد السماوات والأرض وما بينهما من الأجناس إلا للحق وتعريض الخلق لضروب النعم وتعريض المكلفين للثواب الجزيل ولم ونخلقها عبثا ولا سدى بل عرضناهم للثواب بفعل الطاعات وزجرناهم بالعقاب عن فعل المعاصي، وقدرنا لهم أوقات نبعثهم إليها وأوقات نجازيهم فيها " واجل مسمى " أي مذكور للملائكة في اللوح المحفوظ.
ثم قال " والذين كفروا " بوحدانية الله تعالى وجحدوا ربوبيته " عما انذروا " به معرضون وعما خوفوا العمل من خلافه بالعقاب " معرضون " أي عادلون عن الفكر فيه والاعتبار به.
ثم قال " قل " يا محمد صلى الله عليه وآله لهؤلاء الكفار الذين يعبدون الأصنام ويدعون مع الله إلها آخر " أرأيتم ما تدعون من دون الله " آلهة وتوجهون عبادتكم إليها بأي شئ استحقوا ذلك " أروني ماذا خلقوا من الأرض " فاستحقوا بخلق ذلك العبادة والشكر " أم لهم شرك في السماوات " أي في خلقها، فإنهم لا يقدرون على ادعاء ذلك.
ثم قال لهم " ائتوني بكتاب من قبل هذا " يعني هاتوا بكتاب أنزله الله يدل على صحة قولكم قبل هذا القرآن " أو أثارة من علم " يعني شئ يستخرج منه
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست